الله وما أخذه ، وهو تحت حكم سلطان الاسم الحليم ، فهو كالمهمل فلا يدري هل تسبق له العناية بالمغفرة والعفو قبل إقامة الحد الإلهي عليه بالحكم ، أو يؤخذ فيقام عليه حدود جناياته إلى أجل معلوم ، فإنه في علم الله السابق إما مغفور له وإما مؤاخذ بما جنى على نفسه ، فهو على خطر وعلى غير علم بما سبق له في الكتاب الماضي الحكم ، وكفى بالترقب للعارف العاصي الممهل الذي هو في صورة المهمل عذابا في حقه ، لأنه لا يدري ما عاقبة الأمر فيه.
(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٣٧)
الفضل في البذل ، والبذل في الفضل ، وفي الأصل من الفضل.
____________________________________
تَقُولُوا) سرا معها (قَوْلاً مَعْرُوفاً) يريد قولا غير منكور شرعا في هذا الموطن ، ثم قال : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) لما كان العزم على الشيء يؤذن بوقوع المعزوم عليه ، والنهي إنما ورد في وقوع عقد النكاح في العدة ، نهينا عن العزم الذي هو سبب ، فكان من باب الأحرى والأولى النهي عن وقوع المعزوم عليه ، وقوله : (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) وهو انقضاء العدة ، وقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) إذا أضمرتم فيها ما نهاكم الله عنه أن تضمروه ، وهو العزم هنا ليس في الآية غير ذلك ، قال تعالى : (فَاحْذَرُوهُ) أي خافوه واتقوه أن يؤاخذكم بذلك ، قال تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) ولست أعرف في القرآن ولا في السنة مؤاخذة على إرادة النفس إلا هذا وقوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) وهي أشد من هذا ، إذ كان العزم خصوص وصف في الإرادة ، ثم قال : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ) أي يستركم ويستر عليكم ، فلا يؤاخذكم بذلك عاجلا ، فتتخيلوا أنه يسامحكم فيما