القنوت ، فالقيام لله ، نعت الحليم الأواه ، لولا قيامه ما رمي في النار ، ولا انخرقت العادة في الأبصار ، هي نار في أعين الأنام ، وهي على الخليل برد وسلام ، فهو عندهم في عذاب مقيم ، وهو في نفسه في جنة ونعيم ، لما هبت عليه الأنفاس ، كان كأنه في ديماس.
____________________________________
عنهما ، فأمرنا الله تعالى بالمحافظة على الصلوات وما خص فرضا من نفل ورغبنا فيها فقد يكون قوله : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) الفريضة من هذه الصلوات ، فإن صلوة الفرض بلا خلاف أفضل من صلاة النافلة ، فأكد بذكرها المحافظة عليها ، لأن السؤال عنها يقع يوم القيامة ، وأمر بالمحافظة على النوافل في التكثير منها وحسن إقامتها ، لما كان يكمل الفرائض منها بما فيها من الفرائض والسنن ، وهذا غير بعيد في التأويل ، وقد يمكن أن يريد بالصلوة الوسطى صلاة واحدة مخصوصة من الفرائض كما قد ذكر الناس ، وما من صلوة من الخمس إلا وقد روي أنها الوسطى ، ولم يرد في ذلك نص يرفع الإشكال فيها ، وكذلك اختلفوا في الوسطى ، هل هو من الوسط الذي هو الشيء بين الشيئين أو هو من الفضل؟ فإن كان من الوسط ، فأحسن الوجوه فيها أنها المغرب ، فإن أول صلاة صلاها الظهر ، فيكون المغرب وسطا بلا شك ، وليس في الصلوات وتر إلا المغرب ، وقد ورد في الخبر الصحيح أن الله وتر يحب الوتر ، فهي وسط في الترتيب ، وهي أفضل من طريق الوترية ، وقد يتوجه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أن تكون صلاة الوتر ، إذ كانت عنده واجبة ، فهي دون الفرض وفوق النفل ، فهي وسط بينهما ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم] وهي الوتر ، فأضافها إلى ما فرضه علينا من الصلاة ، وقال : [أوتروا يا أهل القرآن] وما نص على حفظ صلاة مما سوى الخمس ولا حافظ هو على ما نقل أكثر من الوصية وحفظه على صلوة الوتر ، وجعلها وتر صلاة الليل كما جعل المغرب وتر صلاة النهار ، وقد يتوجه في ذلك أن تكون صلاة الجمعة لما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم من الوعيد بالحرق بالنار في الدنيا على من تخلف عنها ، ومما يؤيد ما ذهبنا إليه من أنه تعالى يريد بالصلوة الوسطى صلاة الفرض ، قوله يوم الخندق : [شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر] وما شغلوه إلا عن صلاة العصر ، فذكر الصلاة المفروضة ، واتفق أن كانت صلوة العصر ، فتحقق النص في الفرض ، ولم يتحقق في تعيين العصر ، ولكنه محتمل ، وفي مصحف عائشة «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر» فهذا أيضا يقوي ما ذهبنا إليه ، فجعل المحافظة على الصلوات مطلقا نفلها وفرضها ، ثم قال : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [فأكد المحافظة على صلاة الفرض خصوصا ، ثم قال : «وصلاة العصر»] (*) فأكد المحافظة على العصر
__________________
(*) هذه العبارة ساقطة في الأصل