(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٤٥)
فقالت طائفة من اليهود إن رب محمد يطلب منّا القرض ، وما طلب الله منك القرض وأنت تعلم أنه ما طلبه منك إلا ليعود به وبأضعافه عليك من جهة من تعطيه إياه من المخلوقين ، فمن أقرض أحدا من خلق الله فإنما أقرض الله ، وليس الحسن في القرض إلا أن ترى يد الله هي القابضة لذلك القرض لا غير ، فتعلم عند ذلك في يد من جعلت ذلك ، وهو الحفيظ الكريم ، وما خرج عن الملك شيء حتى يحكم فيه القبض ، وإنما يقال ذلك بالفرض ، ما خرج شيء عنه ، فالكل به وإليه ومنه ، الحق له الغنى ، ومن أقرضه بلغ المنى ، ودع اللجاج ، فما هو محتاج ، أنت من جملة خزائنه ، فما خرج الشيء عن معادنه ، فما أعطى إلا من خزانته ، لما أعطته حقيقة مكانته ، وحصلت أنت على الأجر ، إن فهمت الأمر «والله يقبض ويبسط» إن لله يدين مباركتين مبسوطتين فيهما الرحمة ، فلم يقرن بهما شيئا من العذاب ، فيعطي رحمة يبسطها ويعطي رحمة يقبضها ، فإن القبض ضم إليه ، والبسط
____________________________________
ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) في هذه الآية رد على الأشاعرة في استدلالهم على رؤية الله بالأبصار بقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أن الرؤية إذا اقترنت بها كلمة [إلى] كانت بالبصر ، تقول : نظرت إلى كذا ، أي شاهدته ببصري ، ونظرت في كذا ، أي فكرت فيه ، ونظرت لكذا ، أي رحمته ، ونظرت كذا ، أي قابلته ، واحتجوا بذلك على نفاة الرؤية ، فقد جاءت الرؤية هنا بإلى وليست هنا الرؤية بالبصر بلا شك ، فإنه خطاب لمحمد صلىاللهعليهوسلم ومن خوطب ، عن أمم قد مضوا ، وما رأيناهم حال خروجهم ولا حال موتهم ولا حال إحيائهم ، وكذلك قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) فجاء بإلى ومعناه هنا الفكر ، أن يتفكر في ذلك مع وجود [إلى] فإنه معلوم في هذه الآية أن واحدا منا ما رأى ربه وهو يمد الظل ، فيعرف كيفية ذلك المد بوساطة مشاهدة البصر ، فبطل ما استشهدوا به من هذه الآية لتقييدها بحرف [إلى] فالرؤية في هذه الآية بمعنى التعجب والاعتبار إذا فكرت فيهم