لبسط الثاني محال أن يكون بعده ما يوجب قبضا يؤلم العبد ، ومن يدعو إلى الله على بصيرة يدعو من باب البسط من يعلم أن البسط يعين على الإجابة من المدعو ، ويدعو من باب
____________________________________
به ، (عَلِيمٌ) بما يضمرونه في صدورهم وإن لم يتكلموا به ، وقد يكون قوله : (عَلِيمٌ) إعلام بما هي الحقائق عليه ، فإن السمع متعلقه الكلام من حيث ما هو كلام لا من حيث ما يدل عليه من المعاني ، فيكون قوله : (عَلِيمٌ) بما دل عليه الكلام المسموع ، فجعل له تعلقين : تعلق السمع والعلم (٢٤٦) (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) نزلت في أبي الدحداح عمرو بن الدحداح من الأنصار ، لما سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة ، وكان لأبي الدحداح حديقة ، فقال : يا رسول الله إن تصدقت بحديقتي فلي مثلها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نعم ، قال : وأم الدحداح معي؟ قال : نعم ، قال : والصبية؟ قال : نعم ، قال : فتصدق بحديقته ، فأنزل الله هذه الآية فيه ، وضاعف الله أجره على صدقته ، فقال : (مَنْ ذَا الَّذِي) يقول : أي إنسان كان من المؤمنين لم يخص به واحدا دون آخر (يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) القرض السلف ، لما كان السلف يعود إلى معطيه بعد ذلك جعل الحق سبحانه ما يتصدق به من أجله قرضا ، لأنه يعيد مثله وأكثر من ذلك على من أقرضه ، ولو قال ذلك بغير لفظة القرض ما أعطى هذا المعنى ، وإذا علم المعطي أن متاعه يعود إليه مضاعفا سارع إلى إعطائه لمن يسأل منه ذلك ، وقوله : (حَسَناً) يقول طيبة بذلك نفسه ، ببسط وجه للسائل وبشاشة وفرح ، كان الحسن صلوات الله عليه إذا وقف السائل ببابه يسارع بالصدقة إليه بيده فرحا مستبشرا به ، ويقول : مرحبا بحامل زادي إلى الآخرة ، ومن القرض الحسن رؤية النعمة من الله عند العطاء ، وقوله : (قَرْضاً حَسَناً) أي من وجه ، من المال يجوز له التصدق به مما ملكه الله إياه بوجه صحيح يرضاه الله ، وقوله : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) هو قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) وقوله عليهالسلام : [إن الصدقة تقع بيد الرحمن فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله] ومن القرض الحسن أن لا يتبعه أذى ولا منة ، قال تعالى : (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) وقال : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) والشيء إذا كثره الله فلا أكثر منه ، وأقل الكثرة دوامه ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك وجود الكثرة في الأمثال ، مثل قوله : (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) لكان مبالغة في الكثرة «والله يقبض ويبسط» يريد هنا في الرزق ، يوسع الرزق على قوم ويضيقه على قوم بقدر ما يعلمه من المصلحة في حق ذلك العبد ، وإن كان شقيا فإنه مرحوم به في شقائه بوجه ما ، فإن رحمته وسعت كل شيء ، قال تعالى : (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) يعني الرزق ، وقال : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) فمن أعطاه الله