الملازم له ، فما جاء الاسم الحي إلا والقيوم معه (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) صفة تنزيه عما يناقض حفظ العالم الذي لولا قيوميته ما بقي لحظة واحدة ، فنعت الحق نفسه بصفة التنزيه عن حكم السنة والنوم ، لما يظهر به من الصور التي يأخذها السنة والنوم ، كما يرى الإنسان ربه في المنام على صورة الإنسان التي من شأنها أن تنام ، فنزه نفسه ووحدها في هذه الصورة وإن ظهر بها في الرؤيا حيث كانت ، فما هي ممن تأخذها سنة ولا نوم ، فهذا هو النعت الأخص بها في هذه الآية ، وقدم الحي القيوم لأن النوم والسنة لا يأخذ إلا الحي القائم ، أي المتيقظ ، إذ كان الموت لا يرد إلا على حي ، فلهذا قيل في الحق إنه الحي الذي لا يموت ، كذلك النوم والسنة ، والسنة أول النوم كالنسيم للريح ، فإن النوم بخار وهو هواء ، والنسيم أوله ، والسنة أول النوم ، فلا يرد إلا على متصف باليقظة ، فهذا توحيد التنزيه عمن من شأنه أن يقبل ما نزه عنه ، هذا الحي القيوم ، وهو توحيد الهوية توحيد الابتداء ، لأن الله فيه مبتدأ ونعته في هذه الآية بصفة التنزيه ، فهو تعالى لا يغيبه شهود البرازخ عن شهود عالم الحس عن شهود عالم المعاني الخارجة عن المواد في حال عدم حصولها في البرازخ وتحت حكمه (لَهُ) الضمير يعود عليه وهو ضمير غيب (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) السموات هنا ما علا والأرض هو ما سفل ، فله ما في السموات وما في الأرض ملكا له وعبدا ، معين الحفظ لبقاء الحكم بالألوهة (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ) شفعية الوتر بالحكم (عِنْدَهُ) ضمير غيب (إِلَّا بِإِذْنِهِ) عدم الاستقلال بالحكم دونه ، فلا بد من إذنه إذ كان ثم شفيع أو شفعاء ، والشفاعة لا تقع إلا فيمن أتى كبيرة تحول بينه وبين سعادته ، فيعلم ما في السموات وما في الأرض من الشفعاء والمشفوع فيهم (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) وهو ما هم فيه (وَما خَلْفَهُمْ) وهو ما يؤولون إليه (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) بالأشياء (إِلَّا بِما شاءَ) منها لا بكلها ، فبيّن الحق في هذه الآية أن العقل وغيره ما أعطاه من العلم إلا ما شاء ، وما ذكر عن أحد من نبي ولا حكيم أنه أحاط علما بما يحوي عليه حاله في كل نفس نفس إلى موته ، بل يعلم بعضا ولا يعلم بعضا ، مع علمنا بأن الله عزوجل أوحى في كل سماء أمرها ، وأن الله أودع اللوح المحفوظ علمه في خلقه بما يكون منهم إلى يوم القيامة ، ولو سئل اللوح المحفوظ ما فيك أو ما خط القلم فيك من علم الله عزوجل؟ ما علم ، فإن الله أودع ذلك كله في نظره لمن هو دونه ، ولا يعلم ما يكون عن الأثر إلا الله ، فإن الأثر