يجب تنزيه الأنبياء مما نسب إليهم المفسرون من الطامات مما لم يجئ في كتاب الله ، وهم يزعمون أنهم قد فسروا كلام الله فيما أخبر به عنهم ، نسأل الله العصمة في القول والعمل ، فلقد جاؤوا في ذلك بأكبر الكبائر ، وكل ذلك نقل عن اليهود واستحلوا أعراض الأنبياء والملائكة بما ذكرته اليهود ، الذين جرحهم الله وملؤوا كتبهم في تفسير القرآن العزيز بذلك ، وما في ذلك نص في كتاب ولا سنة ، فالله يعصمنا وإياكم من غلطات الأفكار والأقوال والأفعال ، آمين بعزته وقوته ، مثال ذلك في تفسير هذه الآية ما نسبوا إلى إبراهيم الخليل عليهالسلام من الشك ، وما نظروا في قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نحن أولى بالشك من إبراهيم ، فإن إبراهيم عليهالسلام ما شك في إحياء الموتى ، ولكن لما علم أن لإحياء الموتى وجوها متعددة مختلفة ، لم يدر بأي وجه منها يكون يحيي الله به الموتى ، وهو مجبول على طلب العلم ، فكان طلب رؤية الإحياء مع ثبوت الإيمان ليجمع بين العلم والعيان فعيّن الله له وجها من تلك الوجوه حتى سكن إليه قلبه ، فعلم كيف يحيي الله الموتى ، وكذلك قصة يوسف ولوط وموسى وداود ومحمد عليهمالسلام ، وكذلك ما نسبوه في قصة سليمان إلى الملكين يقول تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) فطلب إبراهيم عليهالسلام كيفية إحياء الموتى لاختلاف الوجوه في ذلك لا إنكار إحياء الموتى (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) يقول بلى آمنت ولكن وجوه الإحياء كثيرة كما كان وجود الخلق ، فمن الخلق ما أوجدته عن كن ، ومنهم من أوجدته بيدك ، ومنهم من أوجدته بيديك ، ومنهم من أوجدته ابتداء ، ومنهم من أوجدته عن خلق آخر ، فتنوع وجود الخلق ، وإحياء الخلق بعد الموت إنما هو وجود آخر في الآخرة ، فقد يتنوع وقد يتوحد ، فطلب العلم بكيفية الأمر هل هو متنوع أو واحد؟ فإن كان واحدا ، فأي واحد من هذه الأنواع ، لذلك قال : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي يسكن ، فإذا أعلمتني به اطمأن قلبي وسكن بحصول ذلك الوجه ، والزيادة من العلم مما أمرت به ، والطمأنينة بدء السكينة التي هي مطالعة الأمر بطريق الإحاطة من كل وجه ، فإن وجوه الإحياء كانت تجاذبه من كل ناحية ، والسكون صفة مطلوبة للأكابر ، لذلك قال إبراهيم عليهالسلام : (بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي يسكن إلى الوجه الذي يحيي به الموتى ويتعين لي إذ الوجوه لذلك كثيرة ومعلوم أن اليقين كان عنده ، والطمأنينة كانت المطلوبة ، التي تعطيها العين ، فإن السكون أمر زائد على اليقين ، فجاز أن يطلب ،