(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (٢٧٦)
(وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) فتزكوا ، واختصت بهذا الاسم لوجود معناه فيها ، ففي الزكاة البركة في المال ، وطهارة النفس ، والصلابة في دين الله ، فالزكاة من حيث اسمها صدقة شديدة على النفس ، فإذا أخرج الإنسان الصدقة تضاعف له الأجر ، فإن له أجر المشقة وأجر الإخراج ، وإن أخرجها عن غير مشقة فهذا فوق تضاعف الأجر بما لا يقاس ولا يحد ، والزكاة بمعنى التطهير والتقديس ، لما أزال الله عن معطيها اسم البخل والشح عليه ، فلا حكم للبخل والشح فيه ، وبما في الزكاة من النمو والبركة سميت زكاة لأن الله يربيها ـ تراجع الآية ٢٤٥ ـ ومذهب الجماعة في الأدب من المتصدق أن يضع الصدقة في كف نفسه وينزل بها حتى تعلو يد السائل إذا أخذها على يد المعطي ، حتى تكون هي اليد العليا ، وهي خير من اليد السفلى ، واليد العليا هي المنفقة ، فيأخذها الرحمن لينفقها له تجارة حتى تعظم ، فيجدها يوم القيامة قد نمت وزادت ، وأما مذهبنا فليس كذلك ، إنما السائل إذا بسط يده لقبول الصدقة من المتصدق جعل الحق يده على يد السائل ، فإذا أعطى المتصدق الصدقة وقعت بيد الرحمن قبل أن تقع بيد السائل كرامة بالمتصدق ، ويخلق مثلها في يد السائل لينتفع بها السائل ، ويأخذ الحق عين تلك الصدقة فيربيها فتربو حتى تصير مثل جبل أحد في العظم ، وهذا من باب الغيرة الإلهية حيث كان العطاء من أجله ، لما يرى أن الإنسان يعطي من أجل هواه ما يعظم شأنه من الهبات ، ويعطي من أجل الله أحقر ما عنده ، هذا هو الغالب في الناس ، فيغار الله لجنابه أن لا يرى في مقام الاستهضام ، فيربي تلك الصدقة حتى تعظم ، فإذا جلاها في صورة تلك العظمة حصل المقصود ، فيد المعطي تعلو على يد الآخذ ، ولهذا قال : تقع ، والوقوع لا يكون إلا من أعلى ، فكما ينسب العلو إلى الله في الاستواء على العرش ، فهو في التحت أيضا ، كما هو بكل شيء محيط.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا