(٣) سورة آل عمران مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم) (١)
ـ إشارة ـ «اعلم أن مبادي السور المجهولة ، لأهل الصور المعقولة» ، يعني معاني سور القرآن تجتمع مع الصور المعقولة التي يأخذها العقل من طريق التعريف الإلهي ، لا من طريق فكره ، فهي تجهلها الأفكار مثل ما جهلت ما أراد الحق بمبادي هذه السور ، والصور المجهولة كالنبوة والولاية ، وكرؤية الحق ، وكل ما لا يستقل العقل بإدراكه ، حتى يقع به التعريف الإلهي ، (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) جملتها تسعة وعشرون سورة» وهي ثمانية وعشرون مرتبة كمرتبة الحروف ، واللام ألف هي عبارة عن الحق والعبد ، وهي بمنزلة القمر الدائر في المنازل ، فالألف للحق من حيث التجلي ، فمشيه في المنازل هي تجلياته ومظاهره ، وذلك كمال الصورة ، (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) ونصيب العبد منها قبول ذلك التجلي ، واللام للعبد «أكملت فيها» أي الحروف «العالم بأسره» «وفرقت بيني وبينهم بما لوحت به من نهيه وأمره» أي إني وإن كنت الفاعل على الإطلاق ، والفعل لي ، فأنت محل تعلق الأمر والنهي ، والوعد والوعيد (فَمِنْها) أي الحروف «مفرد» مثل ص ، ق ، «ومثنى» ومنها ما جمع لمعنى ، ولئن شكرتم لأزيدنكم ، منها ما زيد فيه فاستغنى ، ومنها من نقص منه فتعنّى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) منها متماثلة الصور ومختلفة ، كما منها مفرقة ومؤتلفة (ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة) غايتها خمسة حروف ، وبقي اثنان للواصف والموصوف ، من مقام آدم وحوى ، في جنة الإقامة ، ومأوى الإمامة (وكلا منها حيث شئتما) مبلغها ثمانية وسبعون ، فمن كوشف بحقائقها ملك الأعلى والدون» قوله منها ومنها يعني أن هذه السور المجهولة جاءت مطابقة لصور الإنسان على المطابقة ، فهذه الحروف أربعة عشر حرفا غير مكررة ، وهي نصف الفلك الظاهر ، والأربعة عشر الأخرى الغائبة للنصف الباطن ، والحروف إذا نظرتها مكررة كانت ثمانية