فنجازى في كل عمل بحسب ما يقتضيه ذلك العمل مما وعد الله العامل به من الخير ، ولا بد من فريضة الاتباع لذلك قال تعالى (قُلْ) يا محمد لأمتك (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) فجعل الاتباع دليلا ، وما قال في شيء دون شيء ، فإنه من ترك شيئا من اتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم مما لم ينفرض عليه ، فإنه ينقص من محبة الله إياه على قدر ما نقص من اتباع الرسول ، وأكذب نفسه في محبته لله ، لعدم إتمام الاتباع ، فإنه عند الأكابر من أهل الله لو اتبعه في جميع أموره ، وأخلّ بالاتباع في أمر واحد مما لم ينفرض عليه ، بل خالف سنة الاتباع في ذلك مما أبيح له الاتباع فيه ، أنه ما اتبعه قط ، وإنما اتبع هوى نفسه ، إلا مع الأعذار الموجبة لعدم الاتباع ، فإنه في حبس الله عن الاتباع ، فالحق ينوب عنه. (يُحْبِبْكُمُ اللهُ) فإن صدقتم في محبتي فإني أحبكم ، ودليل صدق محبتكم لي هو الاتباع وحصول محبتي لكم ، فالاتباع جاء بقوله تعالى (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) وقال في الاقتداء (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قال صلىاللهعليهوسلم : إن الله جميل يحب الجمال ، وقد أمرنا أن نتزين له ، فالتجمل للحق باتباعه صلىاللهعليهوسلم ، فاتباعه هو الزينة ، لذا قال الله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) أي تزينوا بزينتي يحببكم الله ، فإن الله يحب الجمال ، وعلامة المحبة اتباع المحبوب فيما أمر ونهى ، في المنشط والمكره ، والسراء والضراء ، وبهذه الآية ثبتت عصمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإنه لو لم يكن معصوما ما صح التأسي به ، فنحن نتأسى برسول الله صلىاللهعليهوسلم في جميع حركاته وسكناته وأفعاله وأحواله وأقواله ، ما لم ينه عن شيء من ذلك على التعيين في كتاب أو سنة ، مثل نكاح الهبة (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) قال بعضهم : إني لأعرف متى يحبني ربي ، فقيل له : ومن أين لك معرفة ذلك؟ فقال : هو عرّفني ، فقيل له : أوحي بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : قوله (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) وأنا في هذه الساعة في حال اتباع لما شرع ، وهو صادق القول ، فأعطاني الحال أن الله محبّ لي في هذه الساعة ، لكوني مجلى لما أحبّ ، وهو تعالى ناظر إلى محبوبه ، ومحبوبه ما أنا عليه ، فأضاف تعلق المحبة التي تصيرني محبوبا بالاتباع ، فورثة الأفعال هم الذين اتبعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في كل فعل كان عليه وهيئة مما أبيح لنا اتباعه ، حتى في عدد نكاحه وفي أكله وشربه وجميع ما ينسب إليه من الأفعال التي أقامه الله فيها ، من أوراد وتسبيح وصلاة ، لا ينقص من ذلك ، فإن زاد عليها بعد تحصيلها ، فما زاد عليها إلا من حكم قوله صلىاللهعليهوسلم :