يقبل تلبسه بشيء منها إلا بشرط وجود الإسلام عنده ، فإن لم يؤمن أخذ بالواجبين جميعا يوم القيامة : وجوب الشرط المصحح لقبول هذه العبادات ، ووجوب المشروط التي هي هذه العبادات ، فإنه ما قال «على المسلمين» ولا ذكر صفة زائدة على أعيانهم ، فأوجبها على الأعيان وجوبا إلهيا ، والطفل الرضيع يصح حجه ، ولو مات عندنا قبل البلوغ كتب الله له تلك الحجة عن فريضته ـ إشارة ـ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ) إشارة إلى النسيان ولم يقل على بني آدم (حِجُّ الْبَيْتِ) وقرئ بكسر الحاء وهو الاسم ، وبفتحها هو المصدر ، يعني قصد هذا المكان من كونه بيتا ، ليتنبه باسمه على ما قصد به دون غيره ، لما فيه من اشتقاق المبيت. فكأنه إنما سمي بيتا للمبيت فيه ، فإنه الركن الأعظم في منافع البيت ، فراعى حكم المبيت ، والمبيت لا يكون إلا ليلا ، والليل محل التجلي فيه ، فإن الحق ما جعل تجليه لعباده في الحكم إلا في الليل ، فإن فيه ينزل ربنا ، ومن فتح الحاء وجب أن يقصد البيت ليفعل ما أمره الله به أن يفعله عند الوصول إليه ، في المناسك التي عيّن الله له أن يفعلها. ومن قرأ بالكسر وأراد الاسم ، فمعناه أن يراعي قصد البيت ، فيقصد ما يقصده البيت ، وبينهما بون بعيد. فإن العبد بفتح الحاء يقصد البيت ، وبكسرها يقصد قصد البيت ، وقصد البيت قصد حالي ، لأنه يطلب بصورته الساكن ، وما أمرك بالقصد إلى البيت لا إليه إلا لكونه جعله قصدا حسيا ، فيه قطع مسافة أقربها من بيتك الذي بمكة إلى البيت ، وهو معك أينما كنت. فلا يصح أن تقصد بالمشي الحسي من هو معك. (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أي من قدر على الوصول إليه ، وحد الاستطاعة يدخل فيها كل ما يؤدي الحاج إلى السكون من الأسباب ، كالزاد والراحلة في المباشرة وما قرره الشرع بالحكم. فينبغي للإنسان أن يكون مثبتا للأسباب ، فاعلا بها غير معتمد عليها ، لأن التجرد عنها خلاف الحكمة ، والاعتماد عليها خلاف العلم ، والاستطاعة بالنيابة مع العجز عن المباشرة ثبتت شرعا عندنا ، بالأمر بالحج عمن لا يستطيع لوليه ، أو بالإجارة عليه من ماله إن كان ذا مال. ومن شرط النائب في الحج إن كان وليّا أن يكون قد قضى فريضته. وأما إذا كان النائب بالإجارة فله حكم آخر. وأما العبد فواجب عليه الحج ، وإن منعه سيده مع القدرة على تركه لذلك ، كان السيد عندنا من الذين يصدون عن سبيل الله. وقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن العبد إذا حج عبدا ثم مات قبل العتق كتب الله له ذلك الحج عن فريضته ، والمرأة إن منعها زوجها