(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٩٩)
وهذه مراقبة الحق عباده مراقبة كبرياء ووعيد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١)
الاعتصام ضربان اعتصام بالله ، واعتصام بحبل الله ، فإن كنت من أهل الحبل فأنت من أهل السبب ؛ وإن اعتصمت بالله كنت من أهل الله ، فإن لله من عباده أهلا وخاصة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢)
خاطبنا الله بهذه الآية من حيث كوننا مؤمنين فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) وتقوى الله حق تقاته هو رؤية المتقي التقوى منه ، وهو عنها بمعزل ، ما عدا نسبة التكليف به ، فإنه لا ينعزل عنها لما يقتضيه من سوء الأدب مع الله ، فحال المتقي لله حق تقاته كحال من شكر الله حق الشكر ، وهو أن يرى النعمة منه سبحانه ، وهذه الآية من أصعب آية مرت على الصحابة ، وتخيلوا أن الله خفّف عن عباده بآية الاستطاعة في التقوى ، وما علموا أنهم انتقلوا إلى الأشد ، وكنا نقول بما قالوه ، ولكن الله لما فسّر مراده بالحقية في أمثال هذا ، وهو حديث شكر الله حق شكره ، هان علينا الأمر في ذلك ، وعلمنا أن تقوى الله بالاستطاعة أعظم في التكليف ، ففي حق تقاته أثبت للعبد النظر إليه في تقواه وهو أهون عليه ، فما كان شديدا عندهم كان في نفس الأمر أهون ، وعند من فهم عن الله ، وما كان هينا عندهم كان في نفس الأمر شديدا وعند من فهم عن الله ، جعلنا الله ممن فهم عنه خطابه ، فحقيقة حق تقاته تبري العبد من الدعوى ، وهو قوله! لا حول ولا قوة إلا