اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (١٤١)
وهذا كله ابتلاء من الله لعباده الذين ادعوا الإيمان به بألسنتهم.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢)
فميّز بينهما ، فيجازي المجاهد بجزاء معين ، ويجازي الصابر عليه بجزاء معين.
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١٤٤)
ما بقي أحد يوم مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا ذهل في ذلك اليوم ، وخولط في عقله ، وتكلم بما ليس الأمر عليه ، إلا أبو بكر الصديق ، فما طرأ عليه من ذلك أمر ، بل رقي المنبر ، وخطب الناس ، وذكر موت النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : من كان منكم يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) ـ الآية ، فسكن جأش الناس ، حتى قال عمر : والله ما كأني سمعت بهذه الآية إلا في ذلك اليوم ، فإنه ما بقي أحد حين مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا اضطرب وقال : ما لا يمكن أن يسمع ، وشهد على نفسه في ذلك اليوم بقصوره وعدم معرفته برسوله الذي اتبعه إلا أبا بكر ، فإنه ما تغير عليه الحال لعلمه بما ثم وما هو الأمر عليه ، فلما قرأ الآية تراجع من حكم عليه وهمه ، وعرف الناس حينئذ فضل أبي بكر على الجماعة ، فاستحق الإمامة والتقديم ، فما بايعه من بايعه سدى ، وما تخلّف عن بيعته إلا من جهل منه ، ما جهل أيضا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو من كان في محل نظر في ذلك ، أو متأولا ، فإنه قد شهد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته بفضله على الجماعة بالسر الذي وقر في صدره ، فظهر حكم ذلك السر في ذلك اليوم ، وهو استيفاء مقام العبودة ، بحيث أنه لم يخل منه بشيء