(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (١٥١)
نصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرعب بين يديه مسيرة شهر ، والشهر قدر قطع القمر درجات الفلك المحيط ، فهو أسرع قاطع ، والحساب به للعرب ، وهو عربي ، فإذا نصر بين يديه بالرعب مسيرة شهر بسير القمر ، لأنه ما ذكر السائر وذكر الشهر ، ولا يعين الشهر عند أصحاب هذا اللسان إلا سير القمر ، فقد عم نصره صلىاللهعليهوسلم بالرعب ما قطعه من المسافة هذا القمر في شهر ، فعمّ حكم كل درجة للفلك الأقصى ، لها أثر في عالم الكون والفساد ، بقطع القمر تلك المسافة ، فلا يقبل الرعب إلا عدو مقصود ، يعلم أنه مقصود ، فما قابله صلىاللهعليهوسلم أحد في قتال إلا وفي قلبه رعب منه ، ولكنه يتجلد عليه بما أشقاه الله ، ليتميز السعيد من الشقي ، فيوهن ذلك الرعب من جلادة عدوه على قدر ما يريد الله ، فما نقص من جلادة ذلك العدو بما وجده من الرعب ، كان ذلك القدر نصرا من الله.
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ