مع أحدية مطلوبه أنه وإن تفرد فله وجوه متعددة. واعلم أن هذا موطن ، يجب أن تكون المعاملة فيه كما ذكر وأنه قال في موطن آخر (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) فإن للمواطن أحكاما ، فافعل بمقتضاها تكن حكيما ـ تحقيق ـ الفرق بين النية والإرادة والقصد والهمة والعزم والهاجس ، اعلم أن الله تعالى إذا أراد إيجاد فعل ما ، بمقارنة حركة شخص ما ، بعث إليه رسوله المعصوم ، وهو الخاطر الإلهي المعلوم ، ولقربه من حضرة الاصطفا ، هو في غاية الخفا ، فلا يشعر بنزوله في القلب إلا أهل الحضور والمراقبة في مرآة الصدق والصفا ، فينقر في القلب نقرة خفية ، تنبه لنزول نكتة غيبية ، فمن حكم به فقد أصاب في كل ما يفعله ، ونجح في كل ما يعمله ، وذلك هو السبب الأول عند الشخص الذي عليه يعول ، وهو نقر الخاطر عند أرباب الخواطر ، وهو الهاجس عند من هو للقلب سائس ، فإن رجع عليه مرة أخرى فهو الإرادة ، وقد قامت بصاحبه السعادة ، فإن عاد ثالثة فهو الهمّ ، ولا يعود إلا لأمر مهم ، فإن عاد رابعة فهو العزم ، ولا يعود إلا لنفوذ الأمر الجزم ، فإن عاد خامسة فهو النية ، وهو الذي يباشر الفعل الموجود عن هذه البنية ، وبين التوجه إلى الفعل وبين الفعل يظهر القصد ، وهو صفة مقدسة يتصف بها الرب والعبد.
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٦٠)
إن لم تنصروه يخذلكم ، وإن خذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ، فنصرته من جملة ما أخذ عليكم من عهده.
(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٦١)
ثم توفى كل نفس ما كسبت أي ما عملت وهم لا يظلمون.
(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ