يبالي في متعلق الشهوة من حرام أو حلال ، إذا اعتقد التحريم في الحرام والتحليل في الحلال ، فلا تؤثر في طهارته.
ـ إشارة واعتبار ـ الجنابة الغربة ، والغربة لا تكون إلا بمفارقة الوطن ، وموطن الإنسان عبوديته ، فإذا فارق موطنه ودخل في حدود الربوبية فاتصف بوصف من أوصاف السيادة على أبناء موطنه وأمثاله ، فهي غربة العبد عن موطن العبودية ، وكذا تغريب صفة ربانية عن موطنها ، فيتصف بها أو يصف بها ممكنا من الممكنات ، فيجب الطهر من هذا بلا خلاف ، والاغتسال هو الاعتراف بما قصّر به ، فإذا جاوز العبد حدّه ، ودخل في حدود الربوبية ، وأدخل ربه في الحد معه بما وصف به من صفات الممكنات ، فقد وجب عليه الطهر من ذلك ، فإن تنزيه العبد أن لا يخرج عن إمكانه ، ولا يدخل الواجب لنفسه في إمكانه ، فلا يقول يجوز أن يفعل الله كذا ، ويجوز أن لا يفعله ، فإن ذلك يطلب المرجح ، والحق له الوجوب على الإطلاق ، والطهر من هذا العلم بالعلم الذي لا يدخله تحت الجواز ، والفناء يؤدي إلى عموم الطهارة ، فالغسل طهر يعم من الجنابتين ، لغيبتك الكلية عن علم نكاح الصورتين ، المثلية العقلية ، والمثلية الشرعية ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مثلية عقلية ، (خلق الله آدم على صورته) مثلية شرعية.
ـ إشارة واعتبار ـ اعتبار دخول الجنب المسجد من قوله تعالى : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) : من أباح ذلك هو العارف الذي يرى العالم كله علوه وسفله لا تصح له الإقامة في حال ـ فإن الأرض كلها مسجد ـ فهو عابر أبدا مع الأنفاس ، فالعلماء بالله يشاهدون هذا العبور ، وغير العلماء بالله يتخيلون أنهم مقيمون ، والوجود على خلاف ذلك ، فإن الإله الموجد في كل نفس ، موجد بفعل ، فلا يعطل نفسا واحدا يتصف فيه بالإقامة ، ومن قال بالمنع فقد غلب عليه رؤية نفسه أنه ليس بمحل طاهر حيث لم يتخلق بالأسماء الإلهية.
ـ إشارة واعتبار ـ قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، إذا عدمت الماءين فاعمد إلى ما خلقت منه ولا تعدل عنه ، واعلم أن طهارة العبد إنما تكون باستيفاء ما يجب أن يكون العبد عليه من الذلة والافتقار ، والوقوف عند مراسيم سيده وحدوده وامتثال أوامره ، ولما كان التراب والأرض نشأة الإنسان ، وهو تحقيق عبوديته وذلته ، ثم