الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ، وقال (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) فوقعت المخالفة بالقدر السابق والحكم القضائي ولا يتمكن أن يخالف أمره على الكشف ؛ فانحجب بالأرسال انحجابه بالأسباب ، فإن الله تعالى يظهرنا وقتا ويستر نفسه فيما هو له ، ووقتا يظهر نفسه ويسترنا بحسب المواطن حكمة منه (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) فجلاه باسمه وكان ظاهرا فستره كما قال (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) فأظهره بكاف الخطاب ثم ستره ، فانظر إلى سريان اللطف الإلهي ما أعجبه وحكمه الظاهر كيف أبان أن طاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم طاعته ، وقد ورد في الخبر الصدق والنبأ الحق أنه يجب اتباعه ، وما يتبعه إلا من أطاعه ، واتباع الرسول اتباع الإله ، لأنه قال عزوجل (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) فصلوا عليه وسلّموا تسليما ، فإن الله يصلي عليه وينظر إليه ، ومن لم يمتثل أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يمتثل أمر الله ؛ فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر الله ، فإنه لا ينطق عن الهوى ، فمن يطع الرسول ، فقد أطاع الله ، فإن هويته سمعه وبصره وجميع قواه.
(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٨٢)
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) أي يتفكرون في معانيه (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) الوجه الأول ـ يعني في نعت الحق وما يجب له ، فإن الناظر بفكره في معتقده لا يبقى على حالة واحدة دائما ، بل هو في كل وقت بحسب ما يعطيه دليله في زعمه في وقته ، فيخرج من أمر إلى نقيضه ، فعلوم المتكلمين في ذات الله والخائضين فيه ، ليست أنوارا ، وهم يتخيلون قبل ورود الشبه أنهم في نور وعلى بينة من ربهم في ذلك ، فلا يبدو لهم نقصهم حتى ترد عليهم الشبهة ، وما يدريك لعل تلك الشهبة التي يزعمون أنها شبهة هي الحقّ والعلم ، فإنك تعلم قطعا أن دليل الأشعري في إثبات المسئلة التي ينفيها المعتزلي هو الحق وأنه شبهة عند المعتزلي ، ودليل المعتزلي الذي ينفي به ما يثبته الأشعري شبهة عند الأشعري ، ثم أنه ما من مذهب إلا وله أئمة يقومون به ، وهم فيه مختلفون ، وإن اتصفوا