والحديثان الآخران يعطي الزمان الذي ينقسم ، فيرتفع الاشتراك. والقول هنا أقوى من الفعل ، لأن الفعل يعسر الوقوف على تحقيق الوقت به ، وهو قول الصاحب على ما أعطاه نظره. وقول النبي صلىاللهعليهوسلم يخالف ما قال الصاحب وحكم به على فعل صلاة جبريل عليهالسلام بالنبي صلىاللهعليهوسلم ؛ فيكون كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم مفسرا للفعل الذي فسره الراوي. والأخذ بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي أمرنا الله أن نأخذ به ، فكان ينبغي في مسئلة آخر وقت الظهر وأول وقت العصر وأمثالها أن لا يتصور خلاف ، ولكن الله جعل هذا الخلاف رحمة لعباده واتساعا فيما كلفهم به من عبادته. وآخر وقت الظهر أن يكون ظل كل شيء مثله ، وهو أول وقت العصر. وآخر وقت العصر عندنا قبل أن تغرب الشمس بركعة. والمغرب وقته موسع وهو ما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق. وقد ورد في إمامة جبريل عليهالسلام برسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد في أول فرض الصلوات ، والمغرب وتر صلاة النهار كما أخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك قبل أن يزيدنا الله وتر صلاة الليل [إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم] وذكر صلاة الوتر [فأوتروا يا أهل القرآن] فشبهها بالفرائض وأمر بها. ولما سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد إمامة جبريل عليهالسلام به صلىاللهعليهوسلم عن وقت الصلاة ، صلى بالناس يومين ، صلى في اليوم الأول في أول الأوقات ، وصلى في اليوم الثاني في آخر الأوقات ، الصلوات الخمس كلها وفيها المغرب ، ثم قال للسائل [الوقت ما بين هذين] فجعل للمغرب وقتين كسائر الصلوات ، فوسع وقتها كسائر الصلوات ، وهو الذي ينبغي أن يعول عليه ، فإنه متأخر عن إمامة جبريل ، فوجب الأخذ به ، فإن الصحابة كانت تأخذ بالأحدث ، فالأحدث من فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإن كان صلىاللهعليهوسلم كان يثابر على الصلاة في أول الأوقات فلا يدل ذلك على أن الصلاة ما لها وقتان ، وما بينهما ، فقد أبان عن ذلك وصرح به ، وما عليه صلىاللهعليهوسلم إلا البلاغ والبيان ، وقد فعل صلىاللهعليهوسلم. وأول وقت العشاء مغيب حمرة الشفق ، وآخر وقتها طلوع الفجر. واتفق الجميع على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر وآخره طلوع الشمس ، واختلفوا في الإسفار والتغليس بصلاة الصبح ، والتغليس بها أفضل عندنا. وقد كتب الله تعالى الصلاة على المؤمنين دون العالم لعموم الإيمان فإنه يشمل المقلد والعالم ، فلو كتبها الله على العلماء دون المؤمنين لما وجبت على المقلدين ، والعلماء لهم صفة الإيمان ، فكتب على الوصف العام.