أنها نافلة ، ولو ترك الإيمان بأمر واحد من فرض أو نفل لم يقبل منه إيمانه إلا أن يؤمن بالجميع ، ومع هذا فليس لنا أن نسأل ذميا زكاته ، فإن أتى بها من نفسه فليس لنا ردها ، لأنه جاء بها إلينا من غير مسألة ، فيأخذها السلطان منه لبيت مال المسلمين ، لا يأخذها زكاة ولا يردها ، فإن ردها فقد عصى أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم واتفق العلماء على أن الزكاة تجب في ثمانية أشياء محصورة في المولدات من معدن ونبات وحيوان ، فالمعدن الذهب والفضة ، والنبات الحنطة والشعير والتمر ، والحيوان والإبل والبقر والغنم ، هذا هو المتفق عليه وهو الصحيح عندنا ، واعلم أن للزكاة نصابا وحولا أي مقدارا في العين والزمان ، أما من تجب لهم الصدقة فهم الذين ذكرهم الله في القرآن : الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمون والمجاهدون في سبيل الله ـ إشارة واعتبار ـ لما كان معنى الزكاة التطهير كان لها من الأسماء الإلهية الاسم القدوس وهو الطاهر ، وما في معناه من الأسماء الإلهية ، والزكاة في المال الظاهر معلومة يقابلها في الباطن زكاة النفوس ، فإن النفوس لها صفات تستحقها ، وهي كل صفة يستحقها الممكن ، وقد يوصف الإنسان بصفات لا يستحقها الممكن من حيث ما هو ممكن ، ولكن يستحق تلك الصفات إذا وصف بها ليميزها عن صفاته التي يستحقها ، كما أن الحق سبحانه وصف نفسه بما هو حق للممكن تنزّلا منه سبحانه ورحمة بعباده ؛ فزكاة نفسك إخراج حق الله منها فهو تطهيرها بذلك الإخراج من الصفات التي ليست بحق لها ، فتأخذ ما لك منه وتعطي ما له منك ، ولما كان الأصل الذي ظهرت عنه الأشياء من أسمائه القدوس وهو الطاهر لذاته من دنس المحدثات ، فلما ظهرت الأشياء في أعيانها وحصلت فيها دعاوى الملّاك بالملكية ، طرأ عليها من نسبة الملك إلى غير منشئها ، ما أزالها عن الطهارة الأصلية التي كانت لها من إضافتها إلى منشئها ، قبل أن يلحقها هذا الدنس العرضي بملك الغير لها ، وكفى بالحدث حدثا ، فأوجب الله على مالك الأصناف الثمانية الزكاة ، وجعل ذلك طهارتها ، فعين الله فيها نصيبا يرجع إلى الله عن أمر الله ، لينسبها إلى مالكها الأصلي ، فتكتسب الطهارة ، فإن الزكاة إنما جعلها الله طهارة الأموال ، أما اعتبار وجوب الزكاة ، فالإجماع أجمع كل ما سوى الله على أن وجود ما سوى الله إنما هو بالله ، فردوا وجودهم إليه سبحانه لهذا الإجماع ، ولا خلاف في ذلك بين كل ما سوى الله ، فهو اعتبار الإجماع في الزكاة الوجود ، فرددنا ما هو لله إلى الله ،