أن يحصل من العلم الإلهي ، والفطر المطموسة هي القابلة التي لا نور لعينها من ذاتها إلا من نور الإيمان ، فلا تعطي فطرته النظر في الأمور على اختلافها ، ومنزلة الأنبياء فيما يأخذونه من الغيب بطريق الإيمان من الملائكة منزلة المؤمنين مع ما يأخذونه من الأنبياء ، فالأنبياء مؤمنون بما يلقي إليهم الروح ، والروح مؤمن بما يلقي إليه من يلقي إليه ، فالمؤمن هو الذي لا نور لعين بصيرته إلا نور الإيمان ، وليس الإيمان المعتبر عندنا إلا أن يقال الشيء لقول المخبر على ما أخبر به ، أو يفعل ما يفعل لقول المخبر لا لعين الدليل العقلي. (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) وقعت الصلاة في الرتبة الثانية من قواعد الإيمان التي بني الإسلام عليها ، في الخبر الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، والحج) فعلم الصحابة أنه صلىاللهعليهوسلم راعى الترتيب لما يدخل الواو من الاحتمال ، ولهذا لما قال بعض رواة هذا الحديث من الصحابة لما سرده فقال : والحج وصوم رمضان ، أنكر عليه وقال له (وصوم رمضان والحج) فقدّمه ، وعلمنا أنه أراد الترتيب ، ونبه على أن لا ننقل عنه صلىاللهعليهوسلم إلا عين ما تلفظ به ، فإنه من العلماء من يرى نقل الحديث المتلفظ به من النبي صلىاللهعليهوسلم على المعنى ، فالصلاة ثانية في القواعد ، مشتقة من المصلي في الخيل ، وهو الذي يلي السابق في الحلبة ، والسابق من القواعد الشهادة ، والمصلي هي الصلاة ، وجعل الزكاة تلي الصلاة لأن الزكاة التطهير فناسبت الصلاة ، فإن الصلاة لا يقبلها الله بغير طهور ، والزكاة تطهير الأموال ، ومن شروط الصلاة طهارة الثياب والأبدان والبقعة التي توقع الصلاة عليها وفيها كانت ما كانت ، وجعل الصوم يلي الزكاة ، لما شرع الله في صوم رمضان عند انقضائه من زكاة الفطر فلم يبق الحج إلا أن يكون آخرا. واعلم أن الصلاة تضاف إلى ثلاثة وإلى رابع ثلاثة بمعنيين بمعنى شامل وبمعنى غير شامل ، فتضاف الصلاة إلى الحق بالمعنى الشامل وهو الرحمة ـ فإن الله وصف نفسه بالرحيم ـ ووصف عباده بها فقال (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وقال تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) فوصف نفسه بأنه يصلي أي يرحمكم. وتضاف الصلاة إلى الملائكة بمعنى الرحمة ،
____________________________________
من الأقوال والأفعال كما علمنا الشارع لنا ، وهذا سار في كل مصل على كل حال ، والثانية أن يكون المصلي مع إمام وحده ، فمن تمام صلاته وإقامته الاقتداء به ، فلا يرفع حتى يرفع ، ولا