يذكر الفراش ، فإن ذلك حرف جاء لمعنى وهو ما قلنا ولا يقتصر ، فجعل سبحانه بين السماء والأرض التحاما معنويا ، وتوجها لما يريد سبحانه أن يوجده في هذه الأرض من المولدات ، من معدن ونبات وحيوان ، فجعل الأرض كالأهل ، والسماء كالبعل ، والسماء تلقي إلى الأرض من الأمر الذي أوحى الله فيها ، كما يلقي الرجل الماء بالجماع في المرأة ، وتبرز الأرض عند الإلقاء ما خبأه الحق فيها من التكوينات على طبقاتها.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٣)
انظر في إعجاز القرآن تجده حسن النظم ، مع توفير المعنى وحسن مساقه وجمع المعاني بعضها إلى بعض من اللفظ الحسن النظم الوجيز ، مع وجود تكرار القصة الموجب للملل ، ولا تجد هذا في القرآن ، فتجد مع تكرار القصة الواحدة ، مثل قصص الأمم كآدم وموسى ونوح وغيرهم ، مما تكرر بزيادة لفظ أو نقصه ، ما تجد إخلالا في المعنى جملة واحدة ، وسبب ذلك أنه قول حق ، ما فيه تزوير.
____________________________________
أوصاف الإله الذي تميز به عن عباده ، فليس لمخلوق خلق فعل أصلا ، ثم قال (٢٤) (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) هذا خطاب لفصحاء العرب خاصة ، الذين يعرفون نظم الكلام العربي وإعجازه ، يقول : إن كنتم في شك من القرآن أنه منزل على محمد عبدنا من عندنا ، عارضوه في سورة مثله ، حتى تعرفوا أنه ليس في مقدور البشر أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، أي معينا من الجن والإنس ، والظاهر في هذه المعجزة أنه ليس من مقدور البشر ، لا أنهم صدوا مع القدرة قبل طلب المعارضة ، وهو الوجه الآخر من الإعجاز ، فترجح الوجه الواحد بقوله (نَزَّلْنا) يؤيد ذلك (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فهكذا أنزل عليه بهذه الألفاظ المخصوصة ، فإن لم تقدروا ، كما أنه خارج عن مقدور عبدنا ، (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) الذين اتخذتموهم آلهة (مِنْ دُونِ اللهِ) يأتونكم بمثل ما نزلنا على عبدنا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنهم آلهة إذ الإله هو الذي لا يعتاص عليه شيء ، بل