وبيان كونه لا يريدها ، لأن كونها فاحشة ليس عينها ، بل هو حكم الله فيها ، وحكم الله في الأشياء غير مخلوق ، لأنه عين علمه بها في هذه الحالة ، فلا يكون مرادا فلا يكون الحكم مأمورا به ، وما لم يجر عليه الخلق لا يكون مرادا ، فإن ألزمناه في الطاعة التزمناه ، وقلنا الإرادة للطاعة ثبتت سمعا لا عقلا ، فاثبتوها في الفحشاء ، ونحن قبلناها إيمانا كما قبلنا وزن الأعمال وصورها مع كونها أعراضا ، فلا يقدح ذلك فيما ذهبنا إليه لما اقتضاه الدليل.
(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩)
اختلف في الإعادة ، هل تكون على صورة ما أوجدنا في الدنيا من التناسل شخصا عن شخص بجماع وحمل وولادة في آن واحد للجميع؟ وهو مذهب أبي القاسم بن قسي ، فإن إحياء الموتى يوم القيامة يكون في الزمان القليل على صورة ما جاؤوا عليها في الزمان الكثير ، فإن الإعادة إن لم تكن على صورة الابتداء وإلا ليست بإعادة ، أو يعودون روحا إلى جسم؟ وهو مذهب الجماعة ، فقوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) يعني في النشأة الآخرة أنها تشبه النشأة الدنياوية في عدم المثال ، فإن الله أنشأنا على غير مثال سبق ، وكذلك ينشئنا على غير مثال سبق ، فقوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) يعني في النشأة الآخرة أنها تشبه النشأة الدنياوية في عدم المثال ، فإن الله أنشأنا على غير مثال سبق ، وكذلك ينشئنا على غير مثال سبق ، فقوله : (كَما بَدَأَكُمْ) يعني على غير مثال (تَعُودُونَ) على غير مثال ، يعني في النشأة الآخرة ، فإن الصورة لا تشبه الصورة ، ولا المزاج المزاج ، وقد وردت الأخبار الإلهية بذلك على ألسنة الأنبياء عليهمالسلام وهم الرسل ، فالنشأة الآخرة ليست من مولدات العناصر بل هي من مولدات الطبيعة ، فلذلك لا تنام ولا تقبل النوم ، فلا ينام أهل الجنة في الجنة ، ولا يعيب عنهم شيء من العالم ، بل كل عالم من حس ومعنى وبرزخ مشهود لهم ، مع كونهم غير متصفين بالنوم ، فإن قيل : فما فائدة قوله : (تَعُودُونَ)؟ قلنا : يخاطب الأرواح الإنسانية أنها تعود إلى تدبير الأجسام في الآخرة كما كانت في الدنيا ، على المزاج الذي خلق تلك النشأة عليه ، ويخرجها من قبرها فيها ، ومن النار حين ينبتون كما تنبت الحبة تكون في حميل السيل ، مع القدرة منه على إعادة ذلك المزاج ، لكن ما شاء ، ولهذا علق المشيئة به فقال تعالى : (إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) يعني المزاج الذي كان