الإيمان بها يعطي السعادة ، فلا تكرار في الوجود وإن خفي في الشهود ، فذلك لوجود الأمثال ، ولا يعرفه إلا الرجال ، لو تكرر لضاق النطاق ، ولم يصح الاسم الواسع بالاتفاق ، وبطل كون الممكنات لا تتناهى ، ولم يثبت ما كان به يتباهى ـ وجه آخر ـ (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) اعلم أن الإنسان خلق من ضعف ، صورة ومعنى ، وإلى الضعف يعود ، وإنما يترقى إلى ظهوره في الصور بالعوارض ، فقوته في التوسط بجعل الله تعالى ، كما قال سبحانه : (خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) فجاء بالجعل لأجل الشيبة ، فأما الضعف فهو أصله عاد إليه ، لذلك قال تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) وقال : (مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) وقال : (ثم يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم من بعد علم شيئا) وذلك أوان رجوعه إلى المهد ، قال سبحانه وتعالى : (وجعلنا الأرض مهادا).
(فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١)
(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) هذا أمر من الحق بالتجمل لله ، وهو عبادة مستقلة ، ولا سيما في عبادة الصلاة ، فالزينة مأمور بها ، والزينة هو اللباس الحسن ، ومنها لباس التقوى فإنه خير لباس ، فأمرنا الله بالزينة عند كل مسجد يريد مناجاته ، وهي قرة عين محمد صلىاللهعليهوسلم وكل مؤمن ، لما فيها من الشهود ، فإن الله في قبلة المصلي ، وقد قال : [اعبد الله كأنك تراه] ولا شك أن الجمال محبوب لذاته ، وفي الحديث أن رجلا قال للنبي عليهالسلام : أحب أن يكون نعلي حسنا وثوبي حسنا ، فقال عليهالسلام : الله أولى من تجمّل له. وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إن الله جميل يحب الجمال] قال الصاحب لما نزلت هذه الآية : أمرنا فيها بالصلاة في النعلين ـ إشارة لا تفسير ـ إن النعلين إشارة في الاستعانة بالسير إلى الله والسفر إليه بالكتاب والسنة ، وهي زينة كل مسجد ، فتزين وتجمل تارة بنعتك من