تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فجعل العبادة المقصود منه بخلقهم وقال تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي) هذا أمر بالعبادة ، فإن كان العبد مطيعا طائعا فقد فاز بوقوع ما قصد له في الخلق والأمر ، فإن لله الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، وأما العاصي فهو مخالف لأمر الله ، فلم يقم بما قصد له من الخلق والأمر.
(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٥٥)
تضرعا ذلة وفقرا وانكسارا.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦)
اعلم أن المؤمن من استوى خوفه ورجاؤه ، فهو يدعو ربه خوفا من زوال النعمة ، وطمعا في بقائها ، فلا يزال بين شكر وفقر ، فإنه بين نعمة وبلاء ، وشدة ورخاء.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٥٧)
ـ من باب الإشارة لا التفسير ـ (هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً) وهو بشائر التوفيق (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) وهي العناية بعبده (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) وهو ترادف التوفيق (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) وهو العبد المعتنى به (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وهو ما يظهر عليه من أنوار القبول والعمل الصالح والتعشق به ، ثم مثّل فقال : (كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) يشير بذلك إلى خبر ورد من النبي صلىاللهعليهوسلم في البعث ، أعني حشر الأجسام ، من أن الله يجعل السماء تمطر مثل منّي الرجال ـ الحديث ـ.