أيضا في كتبهم ، فمن إيمانهم بكتبهم إيمانهم به صلىاللهعليهوسلم ، فما آمن أهل الكتاب بكل ما أتى به موسى وعيسى عليهماالسلام ، ولو آمنوا بكل ما أتى به موسى وعيسى عليهماالسلام لآمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبكتابه (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) وهي الأعباء الثقال ، وهؤلاء المذكورون طائفة مخصوصة من أهل الكتاب ، فخرج من ليس بأهل الكتاب من هذا التقييد الوجوبي ، وبقي الحق رحمانا على الإطلاق ، فمن عباد الله من يبسط رحمة الله على عباده طائعهم وعاصيهم ، ومن عباد الله من يريد إزالة رحمة الله عن بعض عباده ، وهو الذي يحجّر رحمة الله التي وسعت كل شيء ، ولا يحجرها على نفسه ، وصاحب هذه الصفة لو لا أن الله سبقت رحمته غضبه ، لكان هذا الشخص ممن لا يناله رحمة الله أبدا ، فإن إبليس لما رأى منة الله قد سرت في العالم ، طمع في رحمة الله من عين المنة لا من عين الوجوب الإلهي ، فعمّ كل الأشياء اتساع رحمته تعالى ، فمن حجّر رحمة الله فما حجرها إلا على نفسه ، ولو لا أن الأمر على خلاف ذلك ، لم ينل رحمة الله من حجرها وقصرها ، ولكن والله ما يستوى حكم رحمة الله فيمن حجرها بمن لم يحجرها وأطلقها من عين المنة ، فما من شيء إلا وهو طامع في رحمة الله ، فمنهم من تناله بالوجوب ، ومنهم من تناله بحكم المنة.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٨)
أرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ودعا إلى الله عزوجل على بصيرة ، وقال له تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ) وهذا هو التوحيد التاسع ، توحيد الهوية في الاسم المرسل ، وهو توحيد الملك ، ولهذا نعته بأنه يحيي ويميت ، فمن أعطى أحيا ونفع ، ومن منع أضر وأمات ، ومن منع لا عن بخل