ذلك لا يثقله وليعلم عباده أنه إذا راقبهم يستحون منه ، فلا يراهم حيث نهاهم ، ولا يفقدهم حيث أمرهم. «المجيب» من دعاه لقربه وسماعه دعاء عباده كما أخبر عن نفسه (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) فوصف نفسه بأنه متكلم إذ المجيب من كان ذا إجابة وهي التلبية. «الواسع» العطاء بما بسط من الرحمة التي وسعت كل شيء ، وهي مخلوقة فرحم بها كل شيء ، وبها أزال غضبه عن عباده. «الحكيم» بإنزال كل شيء منزلته ، وجعله في مرتبته ، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، وقد قال عن نفسه : إن بيده الخير وقال صلىاللهعليهوسلم : والخير كله بيديك فلم يبق منه شيئا والشر ليس إليك. «الودود» الثابت حبه في عباده ، فلا يؤثر فيما سبق لهم من المحبة معاصيهم ، فإنها ما نزلت بهم إلا بحكم القضاء والقدر السابق ، لا للطرد والبعد (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فسبقت المغفرة للمحبين اسم مفعول. «المجيد» لما له من الشرف على كل موصوف بالشرف فإن شرف العالم بما هو منسوب إلى الله أنه خلقه وفعله فما هو شرفه بنفسه فالشريف على الحقيقة من شرفه بذاته وليس إلا الله. «الباعث» عموما وخصوصا ، فالعموم بما بعث من الممكنات إلى الوجود من العدم ، وهو بعث لم يشعر به كل أحد إلا من قال بأن للممكنات أعيانا ثبوتية ، وإن لم يعثر على ما أشرنا إليه القائل بهذا ، ولما كان الوجود عين الحق فما بعثهم إلا الله بهذا الاسم خاصة ، ثم خصوص البعث في الأحوال كبعث الرسل ، والبعث من الدنيا إلى البرزخ نوما وموتا ، ومن البرزخ إلى القيامة ، وكل بعث في العالم في حال وعين ، فمن الاسم الباعث فهو من أعجب اسم تسمى الحق به تعريفا لعباده. «الشهيد» لنفسه بأنه لا إله إلا هو ، ولعباده بما فيه الخير والسعادة لهم بما جاؤا به من طاعة الله وطاعة رسوله ، وبما كانوا عليه من مكارم الأخلاق ، وشهيد عليهم بما كانوا فيه من المخالفات والمعاصي وسفساف الأخلاق ، ليريهم منة الله وكرمه بهم حيث غفر لهم وعفا عنهم ، وكان مآلهم عنده إلى شمول الرحمة ، ودخولهم في سعتها إذ كانوا من جملة الأشياء وأنّ تلك الأشياء المسماة مخالفة لم يبرزها الله من العدم إلى الوجود إلا برحمته ، فهي مخلوقة من الرحمة ، وكان المحل الذي قامت به سببا لوجودها ، لأنها لا تقوم بنفسها وإنما تقوم بنفس المخالف ، وقد علمت أنها مخلوقة من الرحمة ، ومسبحة بحمد خالقها ، فهي تستغفر للمحل الذي قامت به حتى ظهر وجود عينها لعلمها بأنها لا تقوم بنفسها. «الحق» الوجود الذي لا يأتيه