(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١٩٩)
(خُذِ الْعَفْوَ) أي القليل.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١)
(إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا) فهم أصحاب اللمات الملكية (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) وهؤلاء هم الذين تولاهم الله بالإبصار ، وهو من صفات خصائص المتقين ، فهم علماء أهل تقوى ، طرأ عليهم خاطر حسن أصله شيطاني. فوجدوا له ذوقا خاصا لا يجدونه إلا إذا كان من الشيطان ، فيذكرهم ذلك الذوق بأن ذلك الخاطر من الشيطان (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) أي مشاهدون له بالذوق ، فإن اقتضى العلم أخذه وقلب عينه ليحزن بذلك الشيطان أخذه ، ولم يلتفت منه وكان من المبصرين ، فعلم كيف يأخذ ما يجب أخذه من ذلك ، ففرق بينه وبين ما يجب تركه ، كما قال عيسى عليهالسلام لما قال له إبليس حين تصور له على أنه لا يعرفه ، فقال له : يا روح الله قل لا إله إلا الله ، رجاء منه أن يقول ذلك ، فيكون قد أطاعه بوجه ما ، وذلك هو الإيمان ، فقال له عيسى عليهالسلام : أقولها لا لقولك لا إله إلا الله ، فجمع بين القول ومخالفة غرض الشيطان ، لا امتثالا لأمر الشيطان ، وإن اقتضى العلم رد ذلك في وجهه رده ، فهذا معنى قوله (تَذَكَّرُوا) ولا يكون التذكر إلا لمعلوم قد نسي (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) أي رجع إليهم نظرهم الذي غاب عنهم ، رجع بالتذكر ، واعلم أن الله تعالى أن يحيط به بصر أو عقل ، ولكن الوهم السخيف يقدره ويحده ، والخيال الضعيف يمثله ويصوره ، هذا في حق بعض العقلاء الذين قد نزهوه عما