حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وكذلك من خان الله في أهل الله ، فقد خان الله ، وكل أمر بيدك أمرك الله فيه أن ترده إليه فلم تفعل فذلك من خيانة الله ، والله يقول : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) «والرسول» وأما خيانة من خان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهي فيما أعطاك الله من الآداب أن تعامل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذه المعاملة هي عين أدائها إليه صلىاللهعليهوسلم ، فإذا لم تتأدب معه فما أديت أمانته إليه ، فقد خنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما أمنك الله عليه من ذلك ، ومن خيانتك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما سألك فيه من المودة في قرابته وأهل بيته ، فإنه وأهل بيته على السواء في مودتنا فيهم ، فمن كره أهل بيته فقد كرهه ، فإنه صلىاللهعليهوسلم واحد من أهل البيت ، ولا يتبعض حب أهل البيت ، فإن الحب ما تعلق إلا بالأهل لا بواحد بعينه ، فاجعل بالك واعرف قدر أهل البيت ، فمن خان أهل البيت فقد خان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومن خان ما سنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقد خانه صلىاللهعليهوسلم في سنته ، ومن خيانتك رسول الله صلىاللهعليهوسلم المفاضلة بين الأنبياء والرسل سلام الله عليهم ، مع علمنا بأن الله فضل بعضهم على بعض ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) وقال : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) فله سبحانه أن يفضل بين عباده بما شاء وليس لنا ذلك ، فإنا لا نعلم ذلك إلا بإعلامه ، فإن ذلك راجع إلى ما في نفس الحق سبحانه منهم ، ولا يعلم أحد ما في نفس الحق ، ولا دخول هنا للمراتب الظاهرة والتحكم ، وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نفضل بين الأنبياء وأن نفضله صلىاللهعليهوسلم عليهم إلا بإعلامه أيضا ، وعيّن يونس عليهالسلام ، فمن فضل من غير إعلام الله فقد خان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتعدى ما حده له رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) وأما خيانة الأمانات فهي كل أمانة مشروعة ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : [لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم] والخيانة ظلم ، فالحكمة أمانة وخيانتها أن تعطيها غير أهلها وأنت تعلم أنه غير أهلها (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فرفع الله الحرج عمن لا يعلم» إلا أنه أمره بأن يتعرض لتحصيل العلم بالأمور ، فلا عذر له في التخلف عن ذلك.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢٨)
الفتنة الاختبار ، يقال : فتنت الفضة بالنار إذا اختبرتها ، فيقول تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما