(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤١)
(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) لله الخمس من المغنم ، وما بقي وهو أربعة أخماس تقسم على خمسة ، وجعل الله لنفسه نصيبا لكونه نصر المجاهدين ، فله نصيب في الجهاد ، ولما كان السبب لكون الله جعل لنفسه في المغانم نصيبا لنصرته دين الله اندرج في نصيب الله كل من نصر دين الله وهم الغزاة ، فليس لهم إذا اعتبرت الآية إلا الخمس من المغنم ، ثم تبقى أربعة أخماس ، فتقسم مخمسة أيضا : واحد الخمسة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو قوله تعالى : (وَلِلرَّسُولِ) وبعد الرسول إذا فقد لخليفة الزمان ، والخمس الثاني لأهل البيت قرابة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهو قوله تعالى : (وَلِذِي الْقُرْبى) وليسوا إلا المؤمنين من القرابة ، فجاء بلفظ القربى دون لفظ القرابة ، فإن القرابة إذا لم يكن لهم قربى الإيمان لا حظ لهم في ذلك ، والخمس الثالث لليتامى وهو قوله تعالى : (وَالْيَتامى) اليتيم في تدبير وليه ، والولي الله ، لأنه ولي المؤمنين ، وغير اليتيم في تدبير أبيه ، فلا ينظر إليه مع وجود أبيه ، واليتيم قد علم أن أباه قد اندرج فانكسر قلبه ، ولم يكن له أصل يدل عليه ، فعرفه العلماء بالله أنه ليس له إلا من كان لأبيه وهو الله ، فيرجع إلى الله في أموره ، فلما كان اليتيم مع الله في نفسه بهذه المثابة ، جعل الله له حظا في المغنم ، وفي الحديث [أن من يمسح على رأس اليتيم كان له بكل شعرة حسنة] وليس ذلك لغير اليتيم ، والخمس الرابع للمساكين وهو قوله تعالى : (وَالْمَساكِينِ) حكم المسكين حكم اليتيم من عدم الناصر ، والمسكين صاحب ضعفين : ضعف الأصل ، وضعف الفقر ، فلا يقدر يرفع رأسه لهذا الضعف ، بخلاف رب المال ،