(٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٦٠)
ما اعتنى الله بشيء من آلة الحرب ما اعتنى بعلم الرمي بالقوس ، قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي] وهو الرمي بالقوس (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) لا تعرفونهم ، فالعلم هنا بمعنى المعرفة ، وإنما جاءت هنا بلفظة العلم حتى لا يكون لإطلاق المعرفة على الحق تعالى حكم في الظاهر ، فالعلم صفته والمعرفة ليست صفته ، وإن كان العلم والمعرفة والفقه كله بمعنى واحد ، لكن يعقل بينهما تميز في الدلالة كما تميزوا في اللفظ ، فيقال في الحق إنه عالم ، ولا يقال فيه عارف ولا فقيه ، وتقال هذه الثلاثة الألقاب في الإنسان ، وذكر النحاة أن العلم ينوب عن المعرفة في اللسان بالعمل ، فعدوا العلم إلى مفعول واحد للنيابة ، وذهلوا عما نعلمه نحن من أن المعرفة قد تكون من أسماء العلم ، لأن العلم هو الأصل ، فإنه صفة الحق ليست المعرفة صفته ، ولا له منها اسم عندنا في الشرع ، وإن جمعها والعلم حد واحد ، لكن المعرفة من أسماء العلم ، ومعنى أن العلم إنما هو موضوع للأحدية مثل المعرفة ، ولهذا سمينا العلم معرفة ، لأنا إذا قلنا علمت زيدا قائما ، فلم يكن مطلوبنا زيدا لنفسه ، ولا مطلوبنا القيام لعينه ، وإنما مطلوبنا نسبة قيام زيد ، وهو مطلوب واحد ، فإنها نسبة واحدة معينة ، وعلمنا زيدا وحده بالمعرفة ، والقيام وحده بالمعرفة ، فنقول : عرفت زيدا ، وعرفت