القيام ، وهذا القدر غاب عن النحاة ، وتخيلوا أن تعلق العلم بنسبة القيام إلى زيد هو عين تعلقه بزيد والقيام ، وهذا غلط ، فإنه لو لم يكن زيد معلوما له والقيام أيضا معلوما له قبل ذلك ، لما صح أن ينسب ما لا يعلمه إلى ما لا يعلمه ، لأنه لا يدري هل تصح تلك النسبة أم لا؟.
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦١)
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) وهو الصلح (فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ولهذا يتعين على السلطان أن يدعو عدوه الكافر إلى الإسلام قبل قتاله ، فإن أجاب وإلا دعاه إلى الجزية إن كان من أهل الكتاب ، فإن أجاب إلى الصلح بما شرط عليه قبل منه ، يقول الله (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فيبقي على المسلمين إن كانت المنفعة للمسلمين في ذلك ، فإن أبوا إلا القتال قاتلهم وأمر المسلمين بقتالهم على أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
(وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٦٣)
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) يريد عليك (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) يريد على مودتك وإجابتك وتصديقك ، فإنه تعالى لم يقل بين قلوبهم ولا بينها ، فالمراد أنه سبحانه ألف بين قلوب المؤمنين وبينه تعالى ، لأنهم ما اجتمعوا على محمد صلىاللهعليهوسلم إلا بالله ولله ، فبه تألفوا لتألف محمد صلىاللهعليهوسلم به ، فكان هذا مما امتن الله به على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤)