تصح البراءة من الأعداء إلا لله ولرسله عليهمالسلام ومن كوشف على الخواتم ، ومن سواهم فما لهم التبري ، وإنما لهم أن لا يتخذوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة لا غير ، (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
(إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) (٦)
نزل القرآن على قلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحدي العين ، فتلاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلسانه أصواتا وحروفا سمعها الأعرابي بسمع أذنه في حال ترجمته ، فالكلام لله بلا شك والترجمة للمتكلم به ، وأضاف الكلام إلى الله تعالى لا إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وجعله مسموعا للعربي المخاطب بحاسة سمعه ، فما أدركه إلا متقطعا متقدما متأخرا ومن لم ينسب ذلك الكلام المسمى قرآنا إلى الله فقد جحد ما أنزل الله ، فإن كلام الله في هذه الآية هو ما أنزله خاصة ، وإنما سمي الكلام كلاما لما له من الأثر في النفس ، من الكلم الذي هو الجرح في الحس ، وهذا الكلام هو النوع الثالث من كلام الله للبشر في قوله : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) فقد يكون الرسول بشرا ، فأضاف الكلام إلى الله ، وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي تلا عليه القرآن ، والقرآن كلام الله تعالى فناب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مناب الحق هنا من الاسم الظاهر ، فكأن الحق ظهر في عالم الشهادة بصورة التالي كلامه ، فإن الأعرابي ما سمع إلا الأصوات والحروف من فم