أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) (٢١)
(يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ) البشرى مختصة بالمؤمن ، والكافر لا حظ له في البشرى الإلهية برفع الوسائط ، وكانت البشرى من الحق في مقابلة إجابتهم داعي الحق بالعبادات ، وكذلك في قوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) النعيم والتنعم له أسباب ظاهرة وهي نيل الأغراض كانت ما كانت ، فإن صاحبها يتنعم بوجودها فهو صاحب تنعم في مقام تنعيم ، وتسمى أسباب وجود اللذة في الملتذ نعيما ، وليس النعيم في الحقيقة إلا اللذة الموجودة في النفس ، وهي لذات حسية ونفسية. وفي الجنان في كل حين خلق جديد ، ونعيم جديد ، حتى لا يقع الملل ، فإن كل شيء طبيعي إذا توالى عليه أمر ما من غير تبدل لا بد أن يصحب الإنسان فيه ملل ، فإن الملل نعت ذاتي له ، فإن لم يغذه الله بالتجديد في كل وقت ليدوم له النعيم بذلك ، وإلا كان يدركهم الملل. فأهل الجنان يدركون في كل نظرة ينظرونها إلى ملكهم أمرا وصورة لم يكونوا رأوها قبل ذلك ، فينعمون بحدوثها ، وكذلك في كل أكلة وشربة يجدون طعما جديدا لذيذا لم يكونوا يجدونه في الأكلة الأولى ، فينعمون بذلك وتعظم شهواتهم.
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢٣)
ثم قال تعالى فيمن تربص في أهله ولم يفر إليه.