بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤)
التوراة من ورى الزند ، فهو راجع إلى النور.
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥)
اعلم أن الشرع قد جعل جرح العجماء جبار ، وجرح الإنسان مأخوذ به على جهة القصاص ، مع كون العجماء لها اختيار في الجرح وإرادة ، ولكن العجماء ما قصدت أذى المجروح ، وإنما قصدت دفع الأذى عن نفسها ، فوقع الجرح والأذى تبعا ، بخلاف الإنسان فإنه قد يقصد الأذى ، فمن حيوانيته يدفع الأذى ، ومن إنسانيته يقصد الأذى ، فلو لا شرف النفس ما دفع الحيوان الأذى عن نفسه ، وما قصد أذى الغير مع جهله بأنه يلزمه من غيره ما يلزمه نفسه ، وكذلك الإنسان إذا دفع الأذى عن نفسه لم يقع عليه مطالبة من الحق ، فإن تعدى وزاد على القصاص ، أو تعدى ابتداء أخذ به ولكن ما يتعدى إلا من كونه إنسانا فقد تجاوز حيوانيته إلى إنسانيته (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) الكفارة تعطي الستر وهو أن يستره عن الانتقام أن ينزل به لما تلبس به من المخالفات ، وتكون الكفارة في حق