(يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (٣٥)
ما يراد المال للاكتناز ، وإنما خلقه الله للإنفاق فمن اكتنزه ولم يعط حق الله منه الذي عينه له حمي عليه في نار جهنم ، فيكوى به جبينه ، فإنه أول ما يقابل به السائل فيتغير منه إذا رآه مقبلا إليه ، فإن السائل إذا رآه صاحب المال مقبلا إليه انقبضت أسارير جبينه ، لعلمه أنه يسأله من ماله ، فتكوى جبهته ، فإن السائل يعرف ذلك في وجهه ثم إن المسؤول يتغافل عن السائل ، ويعطيه جانبه إعراضا عنه ، كأنه ما رآه ، وكأنه ما عنده خبر منه ، فيكوى بها جنبه ، فإذا علم من السائل أنه يقصده ولا بد أعطاه ظهره ، وانصرف حتى لا يقابله بالسؤال. فأخبر الله أنه تكوى بها ظهورهم ، فهذا حكم مانعي الزكاة ، أعني زكاة الذهب والفضة ، فصار بالكي عين المكان الذي اختزنه فيه فهو خزانته ، وأما زكاة الغنم والبقر والإبل فأمر آخر ، كما ورد في النص أنه يبطح لها بقاع قرقر ، فتنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، وتعضه بأفواهها ، فلهذا خص الجباه والجنوب والظهور في الكي وأنزل الله الزكاة طهارة للأموال.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٣٧)