وهارون ، وناب منابه في قوله تعالى لهما : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) وقال صلىاللهعليهوسلم لصاحبه : «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» يريد أن الله عزوجل حافظهما ، يعني في الغار ، زمان هجرة الدار. ـ وجه آخر ـ المقالة عندنا إنما كانت لأبي بكر رضي الله عنه ، ويؤيدنا قول النبي صلىاللهعليهوسلم : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، فالنبي صلىاللهعليهوسلم ليس بمصاحب ، وبعضهم أصحاب بعض ، وهم له أنصار وأعوان ، فإن النبي لا يصحب إلا نبوته ، فإنه لا يتمكن للنبي أن يكون من صاحبه بحيث ما يريد صاحبه منه ، وإنما هو مع ما يوحى إليه به ، لا يفعل إلا بحسبه ، فالصاحب من يترك إرادته لإرادة صاحبه ، فالنبي يصحب ولا يصحب ، فإن الناس مع الرسول بحكم ما يشرع لهم ، ما هم بحكم إرادتهم ، برهانه قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). فلذلك صحبوه وما صحبهم ، فالصحبة لا تصح إلا من الطرف الواحد ، وهو الأدنى ، ولهذا ليست الصحبة فعل فاعلين. فكان أبو بكر رضي الله عنه واقفا مع صدقه ، ومحمد عليهالسلام واقفا مع الحق في الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت ، فهو الحكيم ، كفعله يوم بدر في الدعاء والإلحاح ، وأبو بكر عن ذلك صاح ، فإن الحكيم يوفي المواطن حقها ، فهو صلىاللهعليهوسلم صادق ذلك الوقت وحكيمه ، وما سواه تحت حكمه ، ولما لم يصح اجتماع صادقين معا ، لذلك لم يقم أبو بكر في حال النبي صلىاللهعليهوسلم ، وثبت مع صدقه به ، فلما نظر أبو بكر رضي الله عنه إلى الطالبين ، أسف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأظهر الشدة ، وغلّب الصدق وقال : (لا تَحْزَنْ) لأثر ذلك الأسف الذي رآه صلىاللهعليهوسلم على أبي بكر (إِنَّ اللهَ مَعَنا) كما أخبرتنا. وإن جعل المنازع أن محمدا صلىاللهعليهوسلم القائل لم نبال ، لما كان مقامه صلىاللهعليهوسلم الجمع والتفرقة ، وعلم من أبي بكر الأسف ، وعلم أن أمره مستمر. ـ تحقيق ـ أشرف مقام ينته إليه تقدم الله عليك يقول الصديق : «ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله» شهود بكري وراثة محمدية (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ، فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) الكافر هنا : هو المشرك من جهة الشريك خاصة (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) راجع سورة ٨ آية رقم ٦١ (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).