بالشهادة ، وعالم لا يدركه الحس ، وهو المعبر عنه بعالم الغيب ، فإن كان مغيبا في وقت وظهر في وقت للحس فلا يسمى ذلك غيبا ، وإنما الغيب ما لا يمكن أن يدركه الحس ، لكن يعلم بالعقل ، إما بالدليل القاطع ، وإما بالخبر الصادق وهو إدراك الإيمان ، فالشهادة مدركها الحس ، وهو طريق إلى العلم ما هو عين العلم ، وذلك يختص بكل ما سوى الله ممن له إدراك حسي ، والعلم مدركه العلم عينه.
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨)
المطهرون هم الذين طهروا غيرهم كما طهروا نفوسهم ، فتعدت طهارتهم إلى غيرهم ، فمن منع ذاته وذات غيره أن يقوم بها ما هو مذموم في حقها عند الله فقد عصمها وحفظها ووقاها وسترها عن قيام الصفات المذمومة شرعا بها ، فهو مطهر لها بما علمها من علم ما ينبغي ، لينفر عنه بنور العلم وحياته ظلمة الجهالة وموتها ، فهو محبوب عند الله مخصوص بعناية ولاية إلهية واستخلاف ، وكل إنسان وال على جوارحه فما فوق ذلك ، وقد أعلمه الله بما هي الطهارة التي يطهر بها رعاياه.
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠٩)