واختلاف الأزمان لاختلاف الحركات الفلكية ، فإنه باختلاف الحركات الفلكية حدث زمان الليل والنهار ، وتعينت السنون والشهور والفصول ، واختلاف الحركات لاختلاف التوجهات ، وهو توجه الحق عليها بالإيجاد ، وهو تعلق خاص من كونه مريدا. وإنما اختلفت التوجهات لاختلاف المقاصد ، فقصد الرضى غير قصد الغضب ، وقصد التنعيم غير قصد التعذيب ، واختلفت المقاصد ، لاختلاف التجليات ، فلكل قصد تجل خاص ما هو عين التجلي الآخر ، فإن الاتساع الإلهي يعطي أن لا يتكرر شيء في الوجود ، واختلفت التجليات لاختلاف الشرائع ، فإن كل شريعة تعطي طريقا موصلة إليه سبحانه ، وهي مختلفة فلا بد أن تختلف التجليات ـ نظم في الشريعة.
طلب الجليل من الجليل جلالا |
|
فأبى الجليل يشاهد الإجلالا |
لما رأى عز الإله وجوده |
|
عبد الإله يصاحب الإدلالا |
وقد اطمأن بنفسه متعززا |
|
متجبرا متكبرا مختالا |
أنهى إليه شريعة معصومة |
|
فأذلة سلطانها إذلالا |
نادى العبيد بفاقة وبذلة |
|
يا من تبارك جده وتعالى |
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) فلم تختلف شرائعكم ، كما لم يختلف منها ما أمرتم بالاجتماع فيه وإقامته. والمراد هنا بضمير منكم في قوله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) ليس إلا الأنبياء عليهمالسلام لا الأمم ، لأنه لو كان للأمم ، لم يبعث رسول في أمة قد بعث فيها رسول إلا أن يكون مؤبدا لا يزيد ولا ينقص ، وما وقع الأمر كذلك فإن جعلنا الضمير في قوله : «منكم» للأمم والرسل جميعا ، تكلفنا في التأويل شططا لا نحتاج إليه ، فكون الضمير كناية عن الرسل أقرب إلى الفهم وأوصل إلى العلم ـ إشارة ـ الشريعة هي الطرق كما قال تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) والحقيقة : عين واحدة هي غاية لهذه الطرق وهو قوله : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ).
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ