الإلهية بها بين الأجير والمستأجر ، فلو كانوا عبيدا ما كتب الحق كتابا لهم على نفسه ، فإن العبد لا يوقت على سيده ، إنما هو عامل في ملكه ، ومتناول ما يحتاج إليه ، فالأجراء هم الذين اشترى الحق منهم أنفسهم وأموالهم بالجنة ، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) قال صلىاللهعليهوسلم في الصلوات الخمس : فمن أتى بهن لم يضيع من حقهن شيئا كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة فاستبشروا بيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.
(التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٢)
(التَّائِبُونَ) جمع تائب من رجال ونساء ، وهو الراجع إلى الله من عين المخالفة ، ولو رجع ألف مرة في كل يوم ، فما يرجع إلا من المخالفة. والله قابل التوب خاصة. (الْعابِدُونَ) هم أهل الفرائض خاصة ، منهم صاحب سبب ، ومنهم تارك سبب ، وهم صلحاء الظاهر والباطن ، قد عصموا من الغل والحسد والحرص والشره المذموم ، وصرفوا كل هذه الأوصاف إلى الجهات المحمودة. الثواب لهم مشهود ، والقيامة وأهوالها والجنة والنار مشهودتان ، دموعهم في محاريبهم ، شغلهم هول المعاد عن الرقاد ، ضمروا بطونهم بالصيام ، للسباق في حلبة النجاة. (الْحامِدُونَ) من الرجال والنساء ، تولاهم الله بعواقب ما تعطيه صفات الحمد ، فهم أهل عاقبة الأمور ، فالحمد إنما هو لله خاصة ، بأي وجه كان ، فالحامدون الذين أثنى الله عليهم في القرآن ، هم الذين طالعوا نهايات الأمور في ابتدائها ، وهم أهل السوابق ، فشرعوا في حمده ابتداء بما يرجع إليه سبحانه وتعالى جل جلاله من حمد المحجوبين انتهاء ، فهم الحامدون على الشهود بلسان الحق ، ثبت في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا شيء أحب إلى الله تعالى من أن يمدح ، والله تعالى قد وصف عباده المؤمنين بالحامدين ، وذم ولعن من ذم جناب الله ، ونسب إليه ما لا يليق به (السَّائِحُونَ) وهم المجاهدون في سبيل الله ، من رجال ونساء ، قال صلىاللهعليهوسلم : سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ، فالسياحة في هذه الأمة الجهاد ، والسياحة المشي في الأرض للاعتبار برؤية آثار القرون