الذي معه الإيمان أو العلم الضروري بوجود الحق الخالق فمرضه عدم اعتقاد صحة التوحيد وعدم القبول من الشارع ما جاء به من صفات الحق ، فإن توحيد الحق يدرك بالإيمان ويدرك بالنظر (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) لأنهم على مزاج لا يصلح إلا للنار (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) أي الصفقة من قوله تعالى واشتروا الضلالة بالهدى ، وهي السورة المنزلة فلا بد من الزوائد في الفريقين.
(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١٢٨)
حفظ الله علينا (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إلى آخر السورة بشهادة خزيمة ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقامه في شهادته مقام رجلين ، فحكم بشهادته وحده ، إذ لم يقبل الجامع للقرآن آية منه إلا بشهادة رجلين فصاعدا إلا هذه الآية ، فإنها ثبتت بشهادة خزيمة وحده رضي الله عنه ، وشهد الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم بحرصه على نجاة أمته فقال : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) أي عنادكم يعز عليه للحق المبين (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) في أن تسلموا وتنقادوا إلى ما فيه سعادتكم وهو الإيمان بالله وما جاء من عند الله ، فمدح الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم بالحرص على ما تسعد به أمته ، فالأوصاف الجبلية في الإنس والجان مثل الحسد والغضب والحرص والجبن والبخل ، وما كان في الجبلة فمن المحال عدمه إلا أن تنعدم العين الموصوف بها ، ولما علم الحق أن إزالتها من هذين الصنفين من الخلق لا يصح زوالها عيّن لها مصارف يصرفها فيها فتكون محمودة إذا صرفت في الوجه الذي أمر الشارع أن تصرف فيه وجوبا أو ندبا ، وتكون مذمومة إذا صرفت في خلاف المشروع ، فقال تعالى : (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) ومن ذلك حرصه على إسلام عمه أبي طالب إلى أن قال له : قلها في أذني حتى أشهد لك بها ،