فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (١٠٩)
(١١) سورة هود مكيّة
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : شيبتني هود وأخواتها من كل سورة فيها ذكر الاستقامة ، فإنه والمؤمنين مأمور بها والحكم للعلم الإلهي لا للأمر ، ولم يكن شيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالكثير ، وإنما كان شعرات معدودة ، لم تبلغ العشرين متفرقة لعلمه بالأمر على ما هو عليه.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١)
وقال تعالى : (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) قرآنا عربيا لقوم يعقلون) إحكام الآيات فيه وتفصيلها ، لا يعرفه إلا من آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب ، وصورة الحكمة التي أعطاها الحكيم الخبير لأهل العناية على مراتب الأمور ، وما تستحقه الموجودات والمعلومات من الحق الذي هو لها ، وهو إعطاء كل شيء خلقه إعطاء إلهيا ليعطي كل خلق حقه إعطاء كونيا ، بما آتانا الله فنعلم بالقوة ما يستحقه كل موجود في الحدود ، ونفصله بعد ذلك آيات بالفعل لمن يعقل كما أعطاه الخبير الحكيم ، فننزل الأمور منازلها ، ونعطيها حقها ولا نتعدى بها مراتبها ، فتفصيل الآيات والدلالات من المفصّل إذا جعلها في أماكنها بهذا الشرط (لأنه ما كل مفصّل حكيم) دليل على أنّه قد أوتي الحكمة ، وعلم إحكام الآيات ورحمته بالآيات والموجودات التي هي الكتاب الإلهي ، وليس إلا العالم الذي هو كتاب مسطور في رق منشور ، وهو الوجود ، دليل على علمه بمن أنزله ، وليس إلا الرحمن الرحيم. وخاتمة الأمر ليست سوى عين سوابقها ، وسوابقها الرحمن الرحيم ، فمن هنا تعلم مراتب العالم ومآله ، أنه إلى الرحمة المطلقة وإن تعب في الطريق ، وأدركه العناء والمشقة ، فمن