الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٢٩)
العمل يقتضي الأجرة لذاته ، وهي العوض في مقابلة ما أعطى من نفسه ، وما بقي إلا ممن يؤخذ فما من نبي ولا رسول إلا قد قال إذ قيل له : قل : فأمر فقال «لا أسئلكم عليه من أجر» من مال يعني في التبليغ (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) فما خرجوا عن الأجرة ، والتبليغ عن الله أفضل القرب إلى الله ، وإن الله استخدمه في التبليغ من كونه عبدا ، فتعينت عليه الأجرة سبحانه بتعيينه عوضا مما أعطاه من نفسه ، فيما استخدمه فيه وترك مباحه الذي هو له وتخييره ـ تحقيق ـ اعلم أن الإنسان مع الحق على حالين : حالة عبودية ، وحالة إجارة ، فمن كونه عبدا يكون مكلفا بالفرض كالصلاة المفروضة ، والزكاة وجميع الفرائض ، لا اجر له عليها جملة واحدة في أداء فرضه ، فإن العبد فرض عليه طاعة سيده