الذي لا يزال فيه محترما مرفوقا به في العرف والعادة ، فرفق به في قوله : (أَعِظُكَ) لشيخوخته وكبر سنه ، ومخاطبة الشيوخ ، لها حد ووصف معلوم ، ومخاطبات الشباب لها حد معلوم ، قال تعالى في حق محمد صلىاللهعليهوسلم : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) فأين ذلك اللطف من هذا القهر؟ فذلك لضعف الشيخوخة وذا لقوة الشباب ، وأين مرتبة الخمسين سنة من رتبة خمسمائة وأزيد؟ فوقع الخطاب ، على الحالات في أول الرسل ، وهو نوح عليهالسلام وفي آخرهم وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ـ إشارة ـ الجهل لا يكون معه خير ، كما أن العلم لا يكون معه شر ، وأعظم المعاصي ما يميت القلوب ، ولا تموت إلا بعدم العلم بالله ، وهو المسمى بالجهل ، لأن القلب هو البيت الذي اصطفاه الله من هذه النشأة الإنسانية لنفسه ، فغصبه فيه هذا الغاصب ، وحال بينه وبين مالكه ، فكان أظلم الناس لنفسه ، لأنه حرمها الخير الذي يعود عليها من صاحب هذا البيت لو تركه له ، فهذا حرمان الجهل.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢)