والنقص والكمال ، فلينظر إن كان من تلك الصورة خطاب فبحسب ما يكون الخطاب يكون حاله ، وبقدر ما يفهم منه في رؤياه ، ولا يعول على التعبير في ذلك بعد الرجوع إلى عالم الحس ، إلا إن كان عالما بالتعبير أو يسأل عالما بذلك ، ولينظر أيضا حركته أعني حركة الرائي مع تلك الصورة ، من الأدب والاحترام أو غير ذلك ، فإن حاله بحسب ما يصدر منه في معاملته لتلك الصورة ، فإنها صورة حق بكل وجه ، وقد يشاهد الروح الذي بيده هذه الحضرة وقد لا يشاهده ، وما عدا هذه الصورة فليست إلا من الشيطان إن كان فيه تحزين ، أو مما يحدث المرء به نفسه في حال يقظته ، فلا يعول على ما يرى من ذلك ، ومع هذا وكونها لا يعول عليها إذا عبّرت كان لها حكم ولا بد ، يحدث لها ذلك من قوة التعبير لا من نفسها ، وهو أن الذي يعبرها لا يعبرها حتى يصورها في خياله من المتكلم ، فقد انتقلت تلك الصورة من المحل الذي كانت حديث نفس أو تحزين شيطان إلى خيال العابر لها ، وما هي له حديث نفس ، فيحكم على صورة محققة ارتسمت في ذاته ، فيظهر لها حكم أحدثه حصول تلك الصورة في نفس العابر ، كما جاء في قصة يوسف مع الرجلين ، وكانا قد كذبا فيما صوراه ، ثم إن الله تعالى إذا رأى أحد رؤيا فإن صاحبها له فيما رآه حظ من الخير والشر بحسب ما تقتضي رؤياه ، أو يكون الحظ في ناموس الوقت في ذلك الموضع ، وأما في الصورة المرئية فلا ، فيصور الله ذلك الحظ طائرا وهو ملك في صورة طائر ، كما يخلق من الأعمال صورا ملكية روحانية جسدية برزخية ، وإنما جعلها في صورة طائر لأنه يقال طار له سهمه بكذا ، والطائر الحظ ، ويجعل الرؤيا معلقة في رجل هذا الطائر ، وهي عين الطائر ، ولما كان الطائر إذا اقتنص شيئا من الصيد من الأرض إنما يأخذه برجله لأنه لا يد له ، وجناحه لا يتمكن له الأخذ به ، فلذلك علق الرؤيا برجله ، فهي المعلقة وهي عين الطائر ، فإذا عبرت سقطت لما قيلت له ، وعند ما تسقط ينعدم بسقوطها ، ويتصور في عالم الحس بحسب الحال التي تخرج عليه تلك الرؤيا ، فترجع صورة الرؤيا عين الحال لا غير ، ثم إن تسمية النبي صلىاللهعليهوسلم لها بشرى ومبشرة لتأثيرها في بشرة الإنسان ، فإن الصورة البشرية تتغير بما يرد عليها في باطنها مما تتخيله ، من صورة تبصرها أو كلمة تسمعها إما بحزن أو فرح ، فيظهر لذلك أثر في البشرة لا بد من ذلك ، فإنه حكم طبيعي أودعه الله في الطبيعة ، فلا يكون إلا هكذا. واعلم أن للرؤيا مكان ومحل وحال ، فحالها النوم ، وهو الغيبة عن