العنصرية الحيوانية خاصة ، وأما المكان فهو ما تحت مقعر فلك القمر خاصة ، وفي الآخرة ما تحت مقعر فلك الكواكب الثابتة ، وذلك لأن النوم قد يكون في جهنم في أوقات ، ولا سيما في المؤمنين من أهل الكبائر ، وما فوق فلك الكواكب فلا نوم ، وأعني به النوم الكائن المعروف في العرف. واعلم أن الإنسان إذا زهد في غرضه ورغب عن نفسه وآثر ربه ، أقام له الحق عوضا من صورة نفسه صورة هداية إلهية حقا من عند حق ، حتى يرفل في غلائل النور ، وهي شريعة نبيه ورسالة رسوله ، فيلقى إليه من ربه ما يكون فيه سعادته ، فمن الناس من يراها على صورة نبيه ، ومنهم من يراها على صورة حاله ، فإذا تجلت له في صورة نبيه فليكن عين فهمه فيما تلقي إليه تلك الصورة لا غير ، فإن الشيطان لا يتمثل على صورة نبي أصلا ، فتلك حقيقة ذلك النبي وروحه ، أو صورة ملك مثله عالم من الله بشريعته ، فما قال فهو ذاك ، فمن صبر نفسه على ما شرع الله له على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم فإن الله لا بد أن يخرج إليه رسوله صلىاللهعليهوسلم في مبشرة يراها أو كشف بما يكون له عند الله من الخير ، وإنما يخرج الله إليه رسوله صلىاللهعليهوسلم لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يتصور على صورته غيره ، فمن رآه رآه لا شك فيه ، فالمبشرات وهي جزء من أجزاء النبوة إما أن تكون من الله إلى العبد ، أو من الله على يد بعض عباده إليه ، وهي الرؤيا يراها الرجل المسلم أو ترى له ، فإن جاءته من الله في رؤياه على يد رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فإن كان حكما تعبد نفسه به ولا بد ، بشرط أن يرى الرسول صلىاللهعليهوسلم على الصورة الجسدية التي كان عليها في الدنيا ، كما نقل إليه من الوجه الذي صح عنده ، حتى إنه إن رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يراه مكسور الثنية العليا ، فإن لم يره بهذا الأثر فما هو ذاك ، وإن تحقق أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورآه شيخا أو شابا مغايرا للصورة التي كان عليها في الدنيا ومات عليها ، ورآه في حسن أزيد مما وصف له ، أو قبح صورة أو يرى الرائي إساءة أدب في نفسه معه ، فذلك كله الحق الذي جاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما هو رسول الله ، فيكون ما رآه هذا الرائي عين الشرع ، إما في البقعة التي يراه فيها عند ولاة الأمور من الناس ، وإما أن يرجع ما يراه إلى حال الرائي أو إلى المجموع ، غير ذلك لا يكون ، فيكون تغير صورته صلىاللهعليهوسلم عين إعلامه وخطابه إياه بما هو الأمر عليه ، في حقه أو حق ولاة العصر بالموضع الذي يراه فيه ، فإن جاءه بحكم في هذه الصورة فلا يأخذ به إن اقتضى ذلك نسخ حكم ثابت بالخبر المنقول الصحيح المعمول به ، وكل ما أتى به