(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩)
لا قسم إلا بالله ، وما عدا ذلك من الأقسام فهو ساقط ما ينعقد به يمين في المقسوم عليه ، ولهذا قال تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) واللغو : الساقط فمعناه لا يؤاخذكم الله بالأيمان التي أسقط الكفارة فيها إذا حنثتم ، (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) فلما سقط العقد بالقلب عند اليمين ، سقطت الكفارة إذا وقع الحنث ، ولا خلاف بين العلماء أن الكفارة في الأيمان المذكورة في القرآن أنها في اليمين بالله لا بغيره. وجاء بالأيمان معرفة بالإضافة والألف واللام ، وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم النهي عن اليمين بغير الله. ـ أنواع الأقسام ـ راجع سورة الحاقة آية ٣٨ (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ) فكفارته إطعام عشرة مساكين. إنما عوقب بالكفارة لأنه أمر بمكارم الأخلاق ، واليمين على ترك فعل الخير من مذام الأخلاق ، فعوقب بالكفارة. ومن وجه آخر ، إن المسيء في حقنا الذي خيرنا الله بين جزائه بما أساء وبين العفو عنه ، أنه لما أساء إلينا أعطانا من خير الآخرة ما نحن محتاجون إليه ، حتى لو كشف الله الغطاء بيننا وبين ما لنا من الخير في الآخرة في تلك المساءة حتى نراه عيانا لقلنا : إنه ما أحسن أحد في حقنا ما أحسن هذا الذي قلنا عنه : إنه أساء في حقنا ، فلا يكون جزاؤه عندنا الحرمان ، فنعفو عنه فلا نجازيه ونحسن إليه مما عندنا من الفضل على قدر ما تسمح به نفوسنا ، فإنه ليس في وسعنا ولا يملك مخلوق في الدنيا ما يجازي به من الخير من أساء إليه ، ولا يجد ذلك الخير ممن أحسن إليه في الدنيا ، ومن كان هذا عقده ونظره كيف يجازي المسيء بالسيئة إذا كان مخيّرا فيها؟ فلما آلى وحلف من أسيء إليه فما وفى المسيء حقه وإن لم يقصد المسيء إيصال ذلك الخير إليه ، ولكن الإيمان قصده ، فينبغي له أن يدعو له إن كان مشركا بالإسلام ، وإن كان مؤمنا بالتوبة والصلاح. ولو لم يكن ثم إخبار من