بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣٩)
(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) فذكر المحو بعد الكتابة ، فثبت المحو وهو المعبر عنه بالنسخ عند الفقهاء ، فهو نسخ إلهي رفعه الله ومحاه بعد ما كان له حكم في الثبوت والوجود وهو في الأحكام انتهاء مدة الحكم ، وفي الأشياء انتهاء المدة فإنه تعالى قال : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) فهو يثبت إلى وقت معين ثم يزول حكمه لا عينه (وَيُثْبِتُ) ما شاء مما كتبه ، قال صلىاللهعليهوسلم في إسرائه إنه أسري به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام ، فوصل إلى سماع أصوات الأقلام وهي تجري بما يحدث الله في العالم من الأحكام وهذه الأقلام رتبتها دون القلم الأعلى ودون اللوح المحفوظ فإن الذي كتبه القلم الأعلى لا يتبدل وسمي اللوح بالمحفوظ من المحو فلا يمحى ما كتب فيه وهذه الأقلام تكتب في ألواح المحو والإثبات على قدر ما تأتي به إليهم رسل الله من عند الله من رأس الديوان وهو القلم الأعلى من إثبات ما شاء ومحو ما شاء وهو قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ومن هذه الألواح تنزل الشرائع والصحف والكتب على الرسل صلوات الله عليهم وسلامه ولهذا يدخل في الشرائع النسخ ويدخل في الشرع الواحد النسخ في الحكم وإلى هنا كان يتردد صلىاللهعليهوسلم في شأن الصلوات الخمسين بين موسى وبين ربه إلى هذا الحد كان منتهاه فيمحو الله عن أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ما شاء من تلك الصلوات التي كتبها في هذه الألواح إلى أن أثبت منها هذه الخمسة وأثبت لمصليها أجر الخمسين وأوحى أنه لا يبدل القول لديه ، فما رجع بعد ذلك من موسى في شأن هذا الأمر ، ومن هذه الكتابة (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) ومن هذه الحقيقة التردد الكوني في الأمور والحيرة فيها ،