الأسماء الإلهية عينت بأحكامها في هذا اليوم الأزلي ـ الذي هو عين الدهر ـ الأيام الإلهية التي أمر المذكّر أن يذكرنا بها ، لنعرفها من أيام الزمان ، ثم جعل الله هذه الأيام المعلومة عندنا ليقدر بها أحكام الأيام الإلهية التي للأسماء ، فهي كالموازين لها ، يعرف بها مقادير تلك الأيام ، فقال : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فإذا ضربت ثلاثمائة يوم وستين يوما في ألف سنة ، فما خرج لك بعد ذلك الضرب من العدد فهو أيام التقدير التي ليوم الرب ، فينقضي ، ثم ينشيء في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير اسم الرب ، وكذلك يضرب ثلاثمائة يوم وستين يوما في خمسين ألف سنة ، فما خرج لك بعد الضرب من الأيام فهو أيام التقدير التي ليوم ذي المعارج من الأسماء الإلهية ، فإذا انقضى ذلك اليوم أنشأ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير الذي لذي المعارج ، هكذا الأمر دائما ، فلكل اسم إلهي يوم ، وإنما ذكرنا هذين اليومين يوم الرب ويوم ذي المعارج لكونهما جاءا في كتاب الله ، فلا يقدر المؤمنون بذلك على إنكارهما ، فما من اسم إلهي مما يعلم ويجهل إلا وله يوم في الدهر ، وتلك أيام الله ، والكل على الحقيقة أيام الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ـ إشارة ـ التذكر للعلماء الغافلين ، والوعظ لا يكون للناس أجمعين ، فالواعظ إنما يعظ بما يكون من الله لا بالله ، وكذلك من يخوف الناس إنما يخوفهم بما يكون من الله لا من الله ، فالترغيب لا يجري مجرى الترهيب ، فإن الترغيب قد يكون في الله ، والترهيب لا يكون إلا مما يكون من الله لا من الله.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٧)
الشكر صفة تقتضي الزيادة من المشكور للشاكر ، فيزيدنا نعمة إذا شكرناه على نعمه وآلائه ، ولا يصح الشكر إلا على النعم ، فإذا شكرت الله على ما أنعم به عليك زادك من