آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) (٣٢)
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) باطن المعتقد كون الله هو لفاعل للأشياء ، لا أثر لمخلوق ولا لسبب ظاهر ولا باطن فيها ، فإن الأسباب جعلها الله ابتلاء ليتميز من يقف عندها ممن لا يرى وقوع الفعل إلا بها ممن لا يرى ذلك ويرى الفعل لله من ورائها ، عندها ، لا بها.
(وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤)
(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) ـ إشارة ـ أوحى الله إلى بعض أنبيائه : يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي ، فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك ، يا ابن آدم إني وحقي لك محب ، فبحقي عليك كن لي محبا ، كيف لا يحب الصانع صنعته؟! ونحن مصنوعاته بلا شك ، فإنه خالقنا وخالق أرزاقنا ومصالحنا ، والصنعة مظهرة علم الصانع لها بالذات واقتداره وجماله وعظمته وكبريائه ، فإن لم يكن فعلى من وفيمن وبمن ، فلا بد منا ولا بد من حبه فينا ، فهو بنا ونحن به ، كما قال صلىاللهعليهوسلم في ثنائه على ربه : [فإنما نحن به وله] فلم يزل يحب ، فلم يزل ودودا ، فهو يوجد دائما في حقنا ، فهو كل يوم في شأن ، ولا معنى للوداد إلا هذا ، فنحن بلسان الحال والمقال لا نزال نقول له : افعل كذا ، افعل كذا ، ولا يزال هو تعالى يفعل ، ومن فعله فينا نقول له : افعل ، أترى هذا فعل مكره ولا مكره له؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، بل هذا حكم الاسم الودود منه.