صلىاللهعليهوسلم وسيادته على الناس ، وافتقار الخلق إليه من سائر الأمم في فتح باب الشفاعة ، وبان فضله على سائر الأنبياء والرسل ، فعلم هنالك عظم منزلته عند ربه ، كما تظهر عزة كل مقرب عند سلطان عند ظهور سلطانه ودولته.
(لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٩)
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا) نون العظمة في الواحد قول من لا علم له بالحقائق ولا بلسان العرب ، والله كثير بالأحكام ، فإن له الأسماء الحسنى ، وكل اسم علامة على حقيقة معقولة ليست هي الأخرى ، فمعقول نحن ما هو معقول إني ، فالجمع على حقيقته من حيث الأسماء الإلهية ، فالنون على بابها في الجمع ، وغاية من قدر على معناها وقرب أن قال إذا قال بقوله جماعة لمكانته وشرفه ولا يرد له قول ، فبذلك الاعتبار يكنى بالنون عن الواحد ، وليس كذلك ولكنه أقرب الوجوه ، بل الوجه الصحيح أن الكناية هنا عن الأسماء التي عنها تقع الآثار على اختلافها ، وإن جمعتها ذات واحدة ، فهو العالم من حيث كذا ، والقادر من حيث كذا ، والمريد من حيث كذا ، والرازق من حيث كذا ، فكثرت الوجوه والنسب فطلبت النون (الذِّكْرَ) يريد القرآن ، فالذكر هو القرآن (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) من التغيير والتبديل والتحريف ، فهو محفوظ أن يزاد فيه أو ينقص منه بطريق التغيير لكونه معجزة ، ولم يكن ذلك لغيره من الكتب ، لأن سائر الكتب لم تنزل على طريق الإعجاز ، فلذلك حرف فيها من حرف وبدل من بدل ، ولما كان الحق في هذه الأمة سمع العبد وبصره ولسانه ويده تولى الله فينا حفظ ذكره ، واستحفظ كتابه غير هذه الأمة فحرفوه.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ