اعلم أن جهنم تحتوي على السموات والأرض والكواكب كلها فيها طالعة وغاربة على أهل النار بالحرور والزمهرير ، وأبوابها سبعة بحسب أعضاء التكليف الظاهرة ، لأن باب القلب مطبوع عليه لا يفتح من حين طبع الله عليه عند ما أقر له بالربوبية وعلى نفسه بالعبودية ، فللنار على الأفئدة اطلاع لا دخول لغلق هذا الباب ، وأسماء أبواب النار السبعة : باب جهنم ، باب الجحيم ، باب السعير ، باب سقر ، باب لظى ، باب الحطمة ، باب سجين ، وقيل باب الحامية والهاوية بدلا من جهنم وسجين ، والباب المغلق وهو الثامن الذي لا يفتح ، فهو الحجاب عن رؤية الله تعالى ، والأبواب السبعة مفتحة ، لكل باب جزء من العالم ومن العذاب مقسوم ، وعلى كل باب ملك من الملائكة ملائكة السموات السبع ، وسميت الأبواب بصفات ما وراءها مما أعدت له ، ووصف الداخلون فيها بما ذكر الله تعالى في مثل قوله في لظى (إنها (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعى) وقال ما يقول أهل سقر إذا قيل لهم (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) وقال في أهل الجحيم (إنه يكذب بيوم الدين) ووصفه بالإثم والاعتداء ثم قال فيهم (إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) وهكذا في الحطمة والسعير.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٧)
(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) أي يقابل بعضهم بعضا.
(لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) (٤٨)
النشأة التي تقوم من العناصر كلما نزل فيها من معدن إلى نبات إلى حيوان إلى إنسان كان التعب أقوى في آخر الدرجات وهو الإنسان ، والنصب أعم من التعب ، فإنه سريع التغير فإن له الوهم ، ولا شك أن الأوهام تلعب بالعقول (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) أي باقون في دار الكرامة لا يخرجون منها.